مكامن الضعف في سياستنا الخارجية..

أتيحت لي داخل السجن فرصة للقراءة والتأمل في أفكار الذين يصنعون القرار العالمي من أوروبيين وأمريكيين وفي بعض القوى الناشئة وعند خروجي من السجن وجدت أن النقاش الذي يدور في أوساطنا السياسية والجمعوية نقاش يتمحور حول قضايا مهمة ومحورية ولكن كنت أقول حينما كان يتم استدعائي لقضايا مثل الدستور أو الديمقراطية أو التنمية أو الصحراء أو التطرف أن هذه القضايا يجب أن تناقش على ضوء تفاعل الداخل والخارج المحلي والجهوي والدولي . وكنت أقول أننا إزاء عالم قديم ينهار وآخر جديد يتشكل وإن كان العالم القديم يقاوم بشراسة انهياره ويسعى إلى إدامة استمراره ولو بالعنف والحروب . وكنت أقول ولا أزال أقول أن على المغرب والمغاربة أن يختاروا المكان والمقام والدور الذي يريدوا أن يلعبوه ويحتلوه في العالم قيد التشكل وأن النقاش في القضايا الجوهرية أعلاه يجب أن يرتبط بالمقام والدور الذي يتطلع المغرب في محيطه العربي والإسلامي والإفريقي ومع جواره الأوروبي والساحة الدولية عموما .
ما يحدث اليوم في الجهات الأربع من العالم وخاصة في المنطقة العربية والإسلامية من أحداث متواترة يؤكد أن العالم لم يعد كما كان عندما أعلن فوكوياما نهاية التاريخ في مطلع التسعينات من القرن الماضي وأن الصراع بين الحضارات كذبة أطلقها أقطاب العولمة النيوليبرالية المتوحشة لتبرير الحروب ونشر الفوضى من أجل التغطية عن الأزمة القاتلة التي تضرب الرأسمالية النيوليبرالية الجشعة وعولمتها .
قضية الصحراء التي كانت يوما ما من قضايا الحرب الباردة ، بين المعسكرين الإشتراكي والرأسمالي حيث كان المغرب قريبا من أمريكا وحلفائها والجزائر قريبة من الإتحاد السفياتي وحلفائه، لم تعد كذلك وكثيرا من أصدقاء المغرب التاريخيين قد أصبحوا بحكم المصالح أصدقاء أو مقربين من الجزائر ولكن قلما نجد صديقا قديما للجزائر إبان الحرب الباردة قد أصبح قريبا من المغرب وهنا أحد مكامن الضعف في سياستنا الخارجية يجب تداركه من خلال العرض المصلحي الذي نقدمه لمختلف الدول ومن خلال الدور الإقليمي والجهوي الذي نريد أن يطلع به المغرب في سياق التحولات العالمية الراهنة . هناك أسئلة مفصلية لا بد من أن تكون لنا الشجاعة على طرحها والجواب عنها : فهناك أصدقاء للمغرب ، أكيد ، ولكن ما هو المدى الذي يمكن أن يذهبوا إليه في دعمهم لنا في قضية الصحراء مستقبلا ؟ و هناك قوى عالمية مؤثرة على المسرح الدولي اليوم ، فعلى أي من هذه القوى يمكن التعويل عليها في حالة تعقد قضية الصحراء مستقبلا ؟ وهناك قوى محلية وجهوية ناشئة وسيكون لها دورا ما في النظام العالمي قيد التشكل وقد تلعب دورا ما في قضية الصحراء مستقبلا. فما هي علاقتنا مع هذه الدول وكيف السبيل لتعزيزها وتطويرها ؟

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد