قضية الصحراء ليست قضية نظام ولا حكومة…

المصطفى المعتصم

قضية الصحراء ليست قضية نظام ولا حكومة هي قضية أمة مؤمنة بشرعيتها وعدالة قضيتها ، لا تهين ولا تستكين ولا تخلد للراحة أو تطمئن لموقف قد يتقلب بتقلب المصلحة ويدور معها ، أمة مستعدة لبذل النفس والنفيس في سبيل هذه القضية .
في التعامل مع هكذا قضية هناك فرق بين الموظف / الإداري والمناضل . الموظف يعمل في أحسن الحالات في تطبيق التعليمات واتباع التوصيات وانجاز المهام آملا في نقطة حسنة من رئيسه أو تحسين سجله الإداري أو طامعا في تحفيزات أو في ارتقاء لمنصب أحسن .
المناضل شيئ آخر يعيش القضية بكل أحاسيسه وانفعالاته بكل توتراتها وقلقها لا يكل ولا يستريح وقد يضحي بالغالي والنفيس ويغامر ويخاطر بكل شيئ من أجلها . لا يهمه المنصب ولا رضى المسؤول.
أذكر أن مناضلا كبيرا ذهب لإسبانيا للمشاركة في ندوة بإحدى جامعات الأندلس حول المنطقة المغاربية وأوروبا ولم يكن يعلم أن جبهة البوليساريو وأنصارها سيكونون حاضرين في تلك الندوة . عند اقترابه من باب القاعة التي يتعرف فعاليات الندوة استوقفه شخص قدم نفسه بأنه موظف في السفارة المغربية بمدريد وطلب من هذا المناضل الانسحاب من الندوة لأن البوليساريو حاضر فيها . رفض هذا المناضل تعليمات الموظف وأصر على حضور الندوة مذكرا هذا المسؤول أن المغرب يتفاوض مع البوليساريو من أجل حل في الصحراء ، وأن الانسحاب من الندوة بقدر أنه لن يفيذ قضية الصحراء في شيئ خصوصا إزاء رأي عام إسباني متأثر إلى حد بعيد بأطروحة البوليساريو فإنه يعطي مناسبة إضافية لخصوم المغرب عندما تخلى لهم الساحة ، فالطبيعة تأبى الفراغ كما يقولون.
قام المناضل بمرافعة جيدة جدا ، مرافعة فاجأت الصديق قبل العدو ، تلاها نقاش كان لصالح المغرب ومقاربته في قضية الصحراء باعتبار أن الحل لن يكون إلا سياسيا يرضي الجميع وليس فيه غالب ولا مغلوب .
هنا يكمن الفرق بين الموظف والمناضل ، الفرق بين الديبلوماسية الناجحة والفاشلة، فما أحوج ديبلوماسيتنا إلى رجال مناضلين مؤمنين بالقضية كي نستطيع تدارك البون على المستوى الديبلوماسي بيننا وبين خصومنا

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد