محمد بحسي صحفي مغربي مقيم ببلجيكا
إذا تناولنا موضوع المقاطعة من الناحية الاعلامية والتواصلية فإنه يتبين لنا أن شباب الفيسبوك حقق نصراً كبيراً على شركات ضخمة تملك الملايير وتستثمر في ميادين كثيرة منها الإعلام، كما أن نفس هذه الشركات تتحكم في مصير العديد من وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية إذ تملك إغلاقها بمجرد سحب إشهار منتوجاتها، نفس الشركات أيضاً لها شبه وصاية على العديد من دور النشر والتوزيع وشركات الإنتاج السمعي البصري، وتقوم أو تساهم في تنظيم العديد من المهرجانات والأنشطة الفنية تستطيع من خلالها تحديد الفنانين المشاركين من غيرهم…
مع كل هذا لم تستطع هذه المجموعات التجارية الضخمة مواجهة حملة إعلامية بالأساس قادها شباب بإمكانيات شبه منعدمة أبانت عن سعة في الخيال وقدرة هائلة على الابتكار فأبدعوا في مجال الأغنية بجميع أنواعها والسكيتش الخفيف والكاميرا الخفية والتركيب الفوتوغرافي والكاريكاتير، كما أنهم برعوا في استخراج معلومات من الأرشيفڤ عن كل من أراد حملتهم بسوء من أطر الشركات المقاطَعة أو من المدونين أو عن الشركات نفسها..
في حين بدت الحملة المضادة باهتة في شكلها فقيرة في مضمونها اعتمدت أساساً على أساليب التهديد والسب والشتم للمقاطعين والضرب على وتر الوطنية من طرف شخصيات سياسية وإعلامية وأطر الشركات المتضررة من المقاطعة.
بعض المدونين من معارضي المقاطعة أساءوا إلى أنفسهم وإلى الشركات التي يدافعون عنها أكثر مما أساءوا لخصومهم ، وبدوا مذبذبين وضعفاء التكوين بل فضح أحدهم نفسه حين لجأ إلى ترديد النشيد الوطني وتبين أنه لا يحفظه كاملاً والجزء الذي يحفظه كله أخطاء في حين يتهم المقاطعين بخيانة الوطن ولم يكلف نفسه حتى مراجعة حفظه قبل تصوير الڤيديو مما يعطي انطباعاً أن الحملة المضادة ماهي إلا “بريكولاج” الدقائق الأخيرة.
الارتباك ظهر أكثر في التصريحات والتصريحات المضادة لأطر الشركات المتضررة التي اتسمت بالتسرع والتناقض والبعد عن الواقع واستعمال لغة الخشب ثم الاعتذار بأسلوب مبهم…
كل هذا في مواجهة حملة شبابية متحررة من كل قيود البيروقراطية معتمدة على فكرة واضحة حولوها إلى قضية شعب وسخروا جميع أشكال الإبداع الفني والتقني التي توفرها التقنيات الحديثة المفتوحة للجميع.
تعليقات الزوار