عاد سفير سوريا في موسكو، رياض حداد، الى الظهور مجددا، بعد ما غاب عن الإعلام بُعيد الضربات الجوية الروسية التي كان هو من مهندسيها البارزين، بصفته السفير فوق العادة والذي عينه رئيس النظام السوري بهذا المنصب بعد بدء الثورة السورية في عام 2011.
ولفت في هذا المجال، غياب السفير عن اجتماع بوتين برئيس النظام السوري، علماً أن حداد يعتبر “حامل أسرار الأسد” وهو المبلِّغ الرسمي لكل رسائله الى بوتين، والعكس. وقد يكون حداد هو الوحيد من بين قلة قليلة جدا من مقربي النظام، الذين كانوا يعلمون بالزيارة والتحضير لها.
وكانت “سبوتنيك” الروسية قد أجرت حوارا مع حداد، بعيد اللقاء مابين بوتين والأسد، لم يخرج فيه عن عموميات، الى الدرجة التي دفعت وسائل الاعلام الى عدم الاقتباس منها أو الرجوع اليها أو حتى تسليط الضوء على مقطع بارز منها وفقا لموقع العربية.
العشاء الأخير وكلمة السر
إلا أن غيابه عن الصور التي تم توزيعها للقاء بوتين والأسد، ترك علامات استفهام حول الرجل. خصوصا أنه فُوّض بعقد أي اتفاقية مع الروس والتحدث باسم النظام، دون حاجة منه للرجوع الى الأسد أو استئذانه في أي أمر.
مصادر مختلفة أعربت عن رأيها بخصوص “انفراد” الأسد ببوتين، واعتبرت أن العشاء الذي أقامه الرئيس الروسي على “شرف الرئيس السوري” هو أقرب الى “عشاء الوداع”.
وأعربت هذه المصادر عن استغرابها وتساؤلها عن السبب الذي يجعل الرئيس السوري هو الوحيد الذي يمكن أن يكون في لقاء كهذا؟ وأن البروتوكول يفترض أن يكون للضيف، على الأقل، مترجمه الخاص ومساعده، وبعض الحاضرين المساعدين أو المستشارين، فما الذي لايجب أن يسمعه إلا الرئيس السوري وحده؟
خصوصا أن الضربات العسكرية والتدخل العسكري الروسي، قد تمّ. فماهو أكثر حساسية وخطورة من الحرب نفسها؟ سألت المصادر السابقة، معتبرة أن الشيء الوحيد الأكثر “خطورة وحساسية” من الحرب هو “مصير الرئيس السوري”.
وأن يكون حتى رياض حداد، الرجل الذي هو فوق العادة في كل صلاحياته والتي كان جزءا منها ترتيب التدخل الروسي، غائباً عن مجريات هذا اللقاء، ولو من قبيل المجاملة، فهذا يعني أن ثمة ماهو “غير العادي” لمن هو “فوق العادة”.
شبكات التواصل: أسألك الرحيلا
بعض شبكات التواصل الاجتماعي وضعت صورة مكبّرة لبشار الأسد، في لقائه الأخير مع بوتين، وركزت التعليقات على الملامح وعلى البشرة التي “ضربها التعب والعزلة” ومن بعض هذه التعليقات وردت اشارة طريفة من البعض يقول فيها إن بوتين في لقائه الأخير مع الأسد قال له: “أسألك الرحيلا”.
وهذا الكلام لايتعارض، في جوهره مع ماذهبت اليه المصادر السابقة وغيرها، في أن الروس “لم يعد يناسبهم بشار الذي لايعترف أحد به إلا هم والإيرانيون” وأن الروس يحتاجون رئيسا سورياً “يمكن للعرب أن يتعاونوا معه”. وأن المشلكة الوحيدة للروس هي بديل الأسد، لا الأسد نفسه.
وتستند هذه القراءات الى طبيعة اللقاء الذي جرى بين بوتين الرئيس وبشار “الوحيد” من دون حتى مساعد شخصي. فتؤكد تلك المصادر أن اللقاء هو “إنهاء” متوافق عليه للأسد. وهي الكلمة الوحيدة التي من الممنوع أن يشترك في سماعها أي شخص حتى لو كان رياض حداد مهندس الضربات الجوية الروسية على سوريا.
الكلام الآن عن مُدّة بقاء بشار.. فقط
وتتابع المصادر، أن قيام الرئيس الروسي بالاتصال ببعض زعماء المنطقة لا يعني إلا أن الأمر قد تم، وأن مدة بقاء الأسد، هي مايبحث به الآن، فقط. من أجل هذا اعتبر متابعون أن العشاء الذي تناوله الرئيس السوري في موسكو، هو “العشاء الأخير”. بالمعنى السياسي للكلمة. وأن الروس استطاعوا بتدخلهم العسكري، واتفاقهم مع الأمريكيين على منع الاصطدام مابين طائراتهما، أن يؤمّنوا خط سير للرئيس السوري لزيارة موسكو.
ولولا ذلك لما تمكن بشار الأسد من السفر، في كل الأحوال. ليسمع الكلمة التي لايجب أن يسمعها أحد سواه، ولايوجد أي مسؤول في نظامه يمكن أن يكون معه ليشاركه سماعها، أو شاهداً عليها. فما هي ؟ تُنهي المصادر بهذا السؤال، والذي يجمع الكثيرون على أن إجابته باتت معروفة.