بقلم : الحاج عمر الزواق
ظننت قبل أيام أنه لابد من إسدال الستار على كل المتاهات .. لابد من الخروج إلى السبيل المنير ..لابد من الشعور بالواقع مهما كان مؤلما .. لابد من اليقظة من الأحلام الوردية المريحة ..لا بد من الصراع للوجود ’’ كتب عليكم القتال وهو كره لكم ’’ _ صدق رب العزة _ ..لابد … ولا مفر من البلاء , فنحن نموت في كل لحظة .. تقتلنا الشيخوخة المقيتة قبل الأجل المحتوم . ما أكثر ما يخدع الإنسان في نفسه , وما أكثر ما يستدرج إلى ثقة في النفس مبالغ فيها , ولكن سرعان ما يكذبه الزمان على لسانه .. .. ما أكثر ما تتغير الأحداث وتتدنى النفوس وتنحدر إلى أسفل المستويات وأرذل المحطات , ربما لقاء دريهمات لتنمية المصاريف اليومية … تسقط الهامات لأنها فارغة , ويتعذر عليها الرجوع إلى هيأتها وموضع خلقها . ومن هذا المنطق تبدأ الأخلاق الحميدة بمجاهدة الشهوات حتى تحكمها وتخضعها ..وبالطبع , فإن قصد هذه المجاهدة ليس في حسن توزيع اللذات وإنما الخروج من أسرها .. واللذة كالنزوة : فورية , تولد اللحظة والركض وراء ’’ الآن ’’ .. الهارب في كل لحظة .. أليست متاهة أن نلهث وراء زمان لا نملك له ضمانا , ولا رصيدا , ولا سكينة ..؟ إنها متاهة ليست كالمتاهات حول هذا المخلوق _ ذكرا كان أو أنثى _ الذي ما زال يثير الإستغراب ببلادته .. ما زال يعيش يالأقنعة يضاهي الممثلين ويرقى ..يضحك على الدقون دون وعي أنه يشقى .. كل الناس يعرفون قصصه ومغامراته ومراوغاته الحمقى . ما زال هذا المخلوق يفرح بالنصر ونفسه في الهزيمة غرقى ..تجري الخيانة في دمه وهو يصدح بأن عراه في الحب وثقى ..يصول في نقاشاته وردوده ويجهل أن المستمعين والقراء لا يصدقون حمقا .. ما زال هذا المخلوق يدعي الوفاء , والجرح أثخن عمقا ..ويدعي أن ما يقوله صدقا .. ما زال هذا المخلوق يتحدى بحر الغدر لأنه ربما استحلى حياة الغرقى ..والمدهش أن دموعه على كفيه _ عذرا للتماسيح _ أضحك أم أبكى ..هل سيعلم يوما أنه حق ما سيلقى ؟ ما زال هذا المخلوق يعمل لينقلب الناس رقا ..أو على الأقل يموتون فيه عشقا .. كفى ..إن لسانك لا ينطق صدقا . كفى .. إن ’’ الآخرة خير وأبقي ’’ أليس من الحكمة أن نرضى ولا نيأس , ونجد في التحرر الداخلي النور الحق ..؟