ريتاج بريس
بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين الذي يصادف يوم 18 دجنبر من كل سنة، احتضنت جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، يوم الجمعة الماضي- 17 دجنبر 2021، الدورة التاسعة للاحتفاء بهذا اليوم ( الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 دجنبر عام 2000 -القرار رقم 45/93 – والذي اعتمدت فيه الاتفاقية الدولية لحماية حقوق المهاجرين وأفراد أسرهم -القرار رقم 45/ 158) من خلال تنظيم تظاهرة علمية حول موضوع: ” الهجرة: من المقاربة الأمنية إلى المقاربة المبنية على حقوق الإنسان”.
ترأس حفل افتتاح المؤتمر رئيس الجامعة د. الحسن سهبي ومنسق اللجنة العلمية المنظمة د. المصطفى المريزق، وثلة من الأساتذة الباحثين وأطر إدارية وتقنية وطلبة وخبراء وفعاليات أخرى جاءت من مختلف جامعات وجهات المملكة. وقد جرى خلال هذا اللقاء، تكريم كل من المرحوم نور الدين هرامي، الأستاذ الباحث والمتخصص في الهجرة من خلال إصدار كتاب جماعي ( تحت إشراف المصطفى المريزق) عبارة عن مجموعة مقالات علمية حول الهجرة، كما تمت كذلك مأسسة جائزة نور الدين هارمي ل”الدراسات والأبحاث في ميدان الهجرة”. وقد حازت على جائزة سنة 2021 الطالبة زكية قشيش، من خلال أعمالها المقدمة في إطار مشروع نهاية الدراسة بماستر “الأنثروبولوجيا وعلم اجتماع التغيير” حول موضوع: “أنثروبولوجيا معسكر محطة القطار فاس: شكل من أشكال الإسكان والممارسات الاجتماعية في انتظار النصر” تحت إشراف الأستاذة زهور بوزيدي والأستاذ المصطفى المريزق من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس.
وتعكس هذه التظاهرة العلمية مدى اهتمام رئاسة جامعة مولاي إسماعيل وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، بموضوع البحث العلمي في قضايا الهجرة، واستحضار السياسة الجديدة للهجرة في المغرب القائمة على احترام حقوق المهاجرين، تكريسا للاحتفاء العلمي باليوم الدولي للمهاجرين وضمان استمراريته كما دأب المنظمون على تنظيمه سنويا برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس منذ 2011. حيث كانت الانطلاقة الأولى بحضور السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا / رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان آنذاك.
كما جاءت هذه التظاهرة العلمية التاسعة للتفكير في مقاربة جديدة للهجرة، وأخذ بعين الاعتبار واقع التنقل وأسبابه بدءًا من حرية التنقل المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، وتحليل قضية الهجرة كاستراتيجية للبقاء والمقاومة، وهي ظاهرة أصبحت ديناميكية ومعقدة للغاية على حد سواء، وتتميز بتأنيث الهجرة المتزايد وبزيادة عدد الشباب المتنقلين أيضًا، و تسليط الضوء على المخاطر الأمنية لسياسات الهجرة، والدعوة إلى حكامة عالمية جيدة و جديدة للتنقلات العابرة للحدود، خالية من جميع أشكال التمييز والعنصرية النمطية وأيديولوجيات الرفض.والصور
واستحضر هذا اللقاء العلمي، الأشواط التي قطعتها العديد من الدول في مسيرتها الحقوقية من أجل هجرة آمنة ومنظمة وإنسانية، والخطط الإقليمية والعالمية التي تعالج قضايا الهجرة المعقدة، بالإضافة إلى طرح ومناقشة الاستراتيجيات القائمة على المقاربة الحقوقية لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة وتداعياتها الأمنية، وإبراز الخلافات والصراعات التي تطرحها قضية الدفاع عن حقوق المهاجرين وأفراد أسرهم.
كما كانت هذه التظاهرة العلمية مناسبة لاستحضار المكانة المحترمة التي أصبح أصبح عليها المغرب خلال السنوات الأخيرة، وما يحتله من موقع جيو- استراتيجي هام يربط بين أفريقيا وأوروبا، مكانا لاستقرار آلاف المهاجرين غير النظاميين، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، و ليس فقط بلدا للعبور، وذلك لإعتبارين أساسيين، يرتبط الأول بالاستقرار السياسي الذي يعرفه المغرب، و الثاني يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعرفها أوربا منذ سنة 2008 و التي عمقت من صعوبة إيجاد فرص للشغل.
وفي هذا الإطار، تم التذكير بما أملته على المغرب واجبات تكريس سيادة القانون واحترام المبادئ والقيم الإنسانية التي تربطه مع مختلف الشعوب لضمان حقوق المهاجرين خاصة الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما توج بإصدار القانون رقم 03/02 سنة 2003 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير الشرعية، وذلك انسجاما مع ما كرسه دستور 2011. كما تم استحضار تعزيز حقوق المهاجرين من خلال ما دشنه المغرب سنة 2014 و 2016، من نهج خطة سياسية وإستراتيجية جديدة في ميدان الهجرة، حرصا منه على ضمان تفعيل أواصر الانتماء الإفريقي الذي تربطه بكافة الدول الإفريقية، ومراعاة التزاماته بمقتضيات القانون الدولي، وتقديره للجانب الإنساني والتضامني، استجابة للتوجهات الملكية السامية التي ترتكز على فتح الباب لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين فوق ترابه، و اتخاذ تدابير ترمي إلى تحسين الاعتراف بحقوق الأجانب في البلاد، من خلال القيام بالإجراءات المتعلقة بإقامتهم و المهن التي يزاولونها، تكريسا للسياسة الإنسانية للهجرة التي ينهجها، و اعترافا بالدور الريادي الذي يلعبه المغرب في تدبير تدفقات الهجرة على الصعيد العالمي بشكل عام، والذي توج باختياره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستضافة المؤتمر الدولي للهجرة لسنة 2018 في قمته الـ11 بمراكش، حيث اعتمد فيه الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، باعتبارها أول وثيقة أممية بشأن قضية الهجرة في شموليتها.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التظاهرة العلمية التاسعة، نظمت لأول مرة بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، والمدرسة العليا للتكنولوجيا.
مكناس، في 20 دجنبر