خلال اللقاء التواصلي مع الإعلامي محمد شروق بمدينة وجدة تورية بحري تتحدث عن تجربتها مع المرض و البحث العلمي
وجدة: ريتاج بريس
خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته الجمعية المغربية للإعلام و الاتصال بوجدة مع الإعلامي محمد شروق حول كتابه “أنا و السرطان” يوم الجمعة 09 مارس 2018، بفضاء تكوين وتنشيط النسيج الجمعوي بوجدة، كانت حاضرة بكامل تألقها و حيويتها وانفتاحها وتفاؤلها. إنها السيدة تورية بحري التي استطاعت منذ سنة أن تتوج مسارها التعليمي العالي بالحصول على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص في موضوع: “دور القضاء المغربي في تطوير قواعد التحفيظ العقاري” بميزة مشرف جدا مع توصية بالطبع، متغلبة بذلك على المرض و إكراهاته.
حضور الدكتورة تورية بحري في اللقاء التواصلي مع الإعلامي محمد شروق، أضفى على اللقاء حميمية خاصة، فقد حرصت على المشاركة بمداخلة مستلهمة إياها من تشابه التجربة بينها و بين محمد شروق في تحدي مرض السرطان، و الإصرار على التغلب عليه و عدم الاستسلام له.
أهداف و أحلام لم تؤجل رغم المرض
ـ محمد شروق: كنت دائما أفكر في تأليف كتاب يخلد اسمي
لقد استطاع محمد شروق، في أوج مرحلة العلاج المؤلم، أن يشرع في كتابة أول فصول كتابه “أنا و السرطان”، متحديا بذلك “المرض الجبان” كما يطلق عليه، محولا الألم إلى أمل و ينجح في تحقيق حلم إصدار أول كتاب له الذي يقول عنه في الصفحة الثامنة: “منذ اليوم الذي تأكدت فيه أنني مصاب بداء السرطان، قررت أن أحول هذا الحدث المفاجئ في مسار حياتي إلى طاقة إيجابية… أيقنت منذ البداية بان الحرب على المرض أشبه بمباراة في الملاكمة لا مجال فيها للتعادل، فإما أن أدحر المرض أو يدحرني… قررت أيضا منذ البداية، و بما أنني أشتغل في مجال الصحافة و الكتابة و لم أعرف في حياتي غير ذلك، أن أدون تجربتي مع المرض في كتاب لعدة اعتبارات و دوافع: أولا، ملء الفراغ خلال حصص العلاج الكيميائي التي تمتد إلى ساعات بأمر مفيد، ثانيا، عدم التركيز على المرض و الابتعاد عن تفاصيله المؤلمة و تشتيت الانتباه و محاولة الانكباب على تقاسم الألم مع القلم و الحبر و الورق، ثالثا، إشراك الآخرين في الاطلاع على خبايا هذا المرض و التعايش معه من خلال طرح تجربتي للعموم، لأنني وقفت خلال مرحلة التشخيص الطويلة على جهل الناس بالكثير من الأمور عن مرض السرطان الذي تعددت أسماؤه عبر التاريخ، رابعا، كنت دائما أفكر في تأليف كتاب حول موضوع ما يخلد اسمي و لو في مساحة محدودة جدا. و ها هي الفرصة سانحة أمامي لتقديم تجربتي مع المرض في كتاب، و هي بالتأكيد تجربة إنسانية غنية بكل المقاييس.”
و بالفعل فقد صدر الكتاب، الذي كتب مقدمته البروفيسور عبد اللطيف ابن ايدارن، في سنة 2015، لينطلق بعد ذلك محمد شروق في جولة عبر مختلف المدن المغربية ليقدمه ويوقعه، موجها رسالة قوية إلى الجميع مفادها أن الأمل في الشفاء من المرض موجود.
ـ تورية بحري: قررت أن أتحدى المستحيل لأحقق حلم الدكتوراه
لقد أصرت تورية بحري أيضا على عدم الاستسلام لمرض السرطان الذي داهم جسدها، و هي تستعد لإنجاز أطروحتها في القانون الخاص. إصرار و إرادة مكناها من تحقيق حلم الحصول على شهادة الدكتوراه، كما صرحت للجريدة الإلكترونية “ريتاج بريس” قائلة:
” قبل سنة 2015، كنت أقوم بدوري كربة بيت همها إسعاد عائلتها و لو بالتضحية براحتها. لا أنكر أنني عانيت و قاسيت نظرا لظروف خاصة، و رغم ذلك تحديت عثرات الزمن بطرق أبواب العلم، فتم تسجيلي بسلك الماستر سنة 2011، و في سنة 2015 تم قبولي بسلك الدكتوراه، و آنذاك أحسست أن القدر قد فتح لي ذراعيه، فأخيرا سأحقق حلم الدكتوراه. و بعد فرحة الحصول على صفة طالبة باحثة، شاء القدر أن تجري ابنتي الصغرى عملية جراحية أصيبت بعدها بعجز عن الحركة، تبين فيما بعد أن سببها نفسي و ليس عضوي، و هنا أيضا أحسست أن القدر يربت على كتفي ويهنئني على صبري، و لم أكن أعلم أنه يهيئني و يختبر قوتي لما هو أعظم. إذ بعد أيام، أحسست بألم بسيط في الجهة اليسرى من الثدي، و بعد الفحوصات و الأشعة و تشريح الخزعة تبين أن السرطان قد حل و أخذ من جسمي مقاما له. لن أتقن وصف مشاعري آنذاك، كل ما فكرت فيه بناتي و كيف سيكون مصيرهما بعدي، فكرت في عائلتي و زوجي… و في غمرة التساؤل، رجعت إلى إلهي و رجوته اللطف فيما كتب لي و أن يمنحني القوة على الصبر و التحمل. و فعلا، فقد نزلت على قلبي سكينة و راحة نفسية. و لأنني ربة أسرة وحتى لا تنهار أسرتي، كنت أنا من يواسي الزوار الذين كانت دموعهم تسبق حديثهم، لقد كنت جبلا في وجه أحزاني، و هرما في وجه بركان ألمي؛ فأنا الأم والزوجة و الابنة و الأخت و الصديقة فلا يحق لي الاستسلام و لا حتى الشكوى.”
و تستمر السيدة تورية بحري في الحديث عن تجربتها مع المرض و التحدي وإنجاز أطروحة الدكتوراه قائلة: “بعد العملية الجراحية و ما صاحبها من مضاعفات و ألم، جاء وقت اختبار قوتي و مدى قدرتي على التحمل، فكان علي إعداد تقرير الدكتوراه حتى أتمكن من التسجيل بالسنة الثانية. و آنذاك، حملت القلم بيدي اليمنى و الضمادات في الجهة اليسرى، و رغم الألم الذي كان يحاول هزمي إلا أني كنت له بالمرصاد. فأصبح للسفر من وجدة إلى الرباط و مدن أخرى هدفان و ليس هدف واحد، و أعني بهما العلاج و تسوية ملفي الطبي، والبحث عن المراجع الخاصة بموضوع الأطروحة. و بعد مدة 6 أشهر من العلاج الكيماوي و 25 حصة من العلاج الإشعاعي بالرباط، حاولت ألا يحرق الإشعاع إرادتي وطموحي. فبدأت بعد الحصص، أذهب إلى المكتبة الوطنية و كلية الحقوق بالرباط لإكمال المراجع. ثم عدت إلى وجدة لأواصل العلاج المؤلم في مصحة شاء القدر أن يتواجد بها والدي بعد إجرائه لعملية جراحية. لا أنكر أنني ضعفت من شدة الألم، و لا أخفي أني صرخت صرخات سجينة سمعتها كل حواسي، و لكن الحمد لله دائما وأبدا. و بعد فترة راحة دامت شهرا، عكفت على إنجاز أطروحتي لأنها كانت بالنسبة لي أملا في فضاء المستحيل فقررت أن أتحدى المستحيل و أتحدى نفسي أيضا، و الحمد لله كلل صبري بمناقشة الأطروحة والحصول على ميزة مشرف جدا مع توصية بالنشر.”