الرأسمالية تدمر البيئة والإنسان.

عبد الله أيت سي.
وجهة نظر
تجتمع دول العالم هذه الأيام في باريس على هامش قمة الأمم المتحدة حول المناخ المعروفة اختصارا(COP21 ) ،هذا الإجتماع الذي نظمت على إثره العديد من المظاهرات في العالم من طرف النشطاء السياسيين والحقوقيين خصوصا اليسار والمناهضين للعولمة، أبرزها كانت في باريس وتعرضت لقمع شرس .
اذا ما رجعنا الى الإحصائيات حول الكارثة التي تهدد الإنسانية بسبب التغيرات المناخية، سنجد أن درجة حرارة الارض ارتفعت ب 0،8 % منذ قرنين مما يعد سببا مباشرا في إرتفاع مستوى المحيطات وهذا من الخطورة بمكان،و سيؤدي هذا الى فقدان مناطق بأكملها وضياع ملايين من الهكتارات الصالحة للزراعة مما سيهدد الأمن الغدائي العالمي وستتحمل شعوب الجنوب ككل مرة تبعات ذلك بالرغم من عدم مسؤوليتها، أضف الى كل هذا الانحباس الحراري الذي تزداد حدته سنة بعد أخرى بسبب الانبعاثات الكارثية للغازات السامة الناتجة عن كمية البترول والغاز الطبيعي والفحم المستخرجة من الأرض، وإذا ما تعمقنا جيدا في حجم الأسلحة الفتاكة التي تستعمل في العالم سنويا من قنابل عنقدية وأسلحة محرمة دوليا في الحروب بالوكالة التي تقودها مافيات عالمية تابعة للإمبريالية مما يؤدي إلى تدمير البيئة.
إذا ما استمرت الدول الرأسمالية في تجاهل تحذيرات الخبراء الدوليين والمنظمات الدولية فإن نسبة احترار الأرض في أفق نهاية القرن ستصل إلى 4% في المائة مما يعني إرتفاع مستوى البحار بعشرة أمتار مما يهدد الثورة السمكية التي تشكل أحد أهم موارد التغدية في العالم.
إن الدول الرأسمالية الكبرى وأقصد هنا مجموعة الثمانية الكبرى زائد الصين وأستراليا وكندا هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن هذه الكارثة ورغم تذرعها بأنها ستوقع إتفاق لمراجعة سياستها الصناعية في المستقبل القريب، إلا أن ذلك ليس بحسن نية إذ أن المتحكم في السياسة الاقتصادية العالمية هو الشركات المتعددة الجنسيات والمجموعات المالية الكبرى وهي وإن كانت ستنفذ جزء من الالتزامات المترتبة عن تلك القمة وغيرها ممن سبقوها منذ قمة 1992 بريو ،إلا أن ذلك بمقابل منحها أسواق جديدة استثمارات في مجالات الطاقة المتجددة وخلق غابات وتكنولوجيا البيئة، مما يعني أن الحكومات المحلية ملزمة بضخ ملايير من دولارات من ضرائب المواطنين في مشاريع جديدة ستستفيد منها اللوبيات الوطنية والدولية، إن النضال اليوم ضد السياسات الاقتصادية والصناعية للرأسمالية المتوحشة يطرح نفسه بحدة من أجل وقف هذا التدمير المستمر للإنسان والبيئة الذي يؤدي إلى مزيد تفقير وتجويع ملايين من الفلاحين الفقراء والعمال والشباب .
تواطؤ الحكومات في دول الهامش أمر محسوم فالجميع يعرف أن قمة المناخ تتكون من ممثلين حكوميين وخبراء دوليين تابعين إما للحكومات أو لمنظمات دولية تعرفون جيدا من يسيطر عليها ومن يوجهها ،فحكومات دول الهامش هي تبعية للمركز وتاتمر بأوامر منها وبالتالي فلن تكون ضد سياساتها الهمجية في إستغلال الأرض والإنسان، ويلزم من أجل الحد من هذه الكارثة أن تتخد جملة من الإجراءات اهمها:
– تقليص انبعاثات الغاز السامة بمعدل يفوق 10% وإزالتها كليا في أفق سنة 2050.
– تقليص بشكل كبير من إستهلاك مخزون الصخور النفطية والغاز الطبيعي (المحروقات الأحفورية).
– وضع حد لاستعمال الفحم الحجري.
– التوزيع العادل للثروات بين سكان المعمور مما يستدعي وضع حد للسياسات النيوليبرالية التفقيرية .
– إنهاء الحروب بالوكالة ووضع حد للسباق نحو التسلح وإنتاج مزيد من الأسلحة المدمرة .
– القضاء على الأسلحة النووية وتدميرها .
– الحفاظ على التنوع البيولوجي عن طريق الحفاظ عن النوع الأحيائي المهدد بالانقراض .
إن كل هذا لن يتحقق بدون تنظيم الشعوب لنفسها عبر أدوات دفاعها الذاتية، وبدون نضال قوي يربط ما بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئ ،وطرد الرأسمال الخاص وتأميم القطاعات العامة خصوصا في مجال الطاقة و النضال من أجل إلغاء ديون الخارجية المفروضة بسبب النهب من طرف الإمبريالية وعملائها المحليين، لن يتأتى ذلك بدون النضال من أجل مجتمع اشتراكي تكون فيه الأرض للفلاح والمعمل للعامل ينتج فيه الاكتفاء الذاتي ويحقق الأمن الغدائي ويصبح فيه القرار السياسي يتخد من القواعد وليس من طرف حفنة من الجشعين المجانين الذي لايهمهم سوى مراكمة الأرباح ولو على حساب ملايين من الارواح في العالم

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد