التواطؤ الصامت: عندما تصبح الرداءة سلاحاً

بقلم: الدكتور محمد محاسن

بقلم: الدكتور محمد محاسن

لا مناص لأكاديمي محترم ونقابي حر من التفاعل مع فضيحة الشهادات المزورة التي هزّت الرأي العام الوطني في الآونة الأخيرة، إن المناسبة شرط، و الغاية من هذه المقالةهي فضح انحراف بنيوي يتجاوز حدود الغش الأكاديمي حيث إنه لا صلة لي بالشخص/الأشخاص المتورطين في الفضيحة. لقد مُسَّت سمعة الجامعة، ودُنس مقام العلماء والأساتيذ الباحثين، وتلطخت صورة الوطن. لقد آن الأوان للكفّ عن المجاملات، ورفع الغطاء عن هذا العبث المنظّم بكل جرأة وشجاعة بعيدا عن المجاملة  ولغة الخشب.

إن منحَ شهادة أو منصب لمن لا يستحق، لا يجوز اعتباره هفوةً عابرة، بل إنه خيانة موصوفة بحق الوطن والمجتمع. عندما تسند لأحدهم -سواء تعلق الأمر بقاضٍ أو أستاذ أو طبيب أو مهندس…-   مسؤولية ويسلم له منصب دون استحقاق، فإنما يُمكنه ذلك الإسناد من أداة / سلاح  لا يحسن استخدامه بل إنه سوف يسىء استعماله حتماً لانعدام الضمير المهني لدى الغشاش والخائن ولِفُّهما . وسرعان ما يتحوّل هذا السلاح إلى خطر داهم على الأبرياء. وقد يكون ذلك الشخص ذاته أو صاحبته أو بَنيه أو أحد من أهله أو مواطنيه -يوماً ما- في عداد ضحاياه .

إن مثَل هؤلاء كمثَل الشجرة التي تخفي الغابة، فوراء كل متسلّق لا كفاءة له، توجد شبكة من المتواطئين: من زكّاه، من سكت عن فعله، من استفاد منه وهلم جرّاً. كلّهم يشكّلون منظومةً من الفساد المقنَّع، تعمل في صمت، تتغذى من المصالح، وتحتمي بالإفلات من العقاب.

لقد آن الأوان لكي نسمي الأشياء بمسمياتها، ولنجتثّ هذا الورم من الجذور.

فالوزير لا يُحاسَب، والعميد لا يُساءل، والمدير لا يُراجع مهما أخطأ أو زلّ أو شطّ أو بدَّر … رغم كونهم جميعاً يقدّمون برامج بعناوين برّاقة لمشاريع لا علم لهم بمضامينها ولا قناعة، سرعان ما تتبخّر وتنكشف كسراب يحسبه الظمآن ماء. مجرد مسرحية لتزكية الفشل وتمرير الرداءة.

إن ربط المسؤولية بالمحاسبة لا ينبغي اعتباره ترفاً ولا مطلباً نخبوياً، بل لقد صار شرطاً للحفاظ على ما تبقى من كرامة المؤسسة واستقامة المرفق العام والأوصياء عليه وأطره ومستخدميه ومرتاديه. إن هذا المبدأ لوحده إذا ما تم إقراره قادر على فرز الكفاءات، وردع المتسلّقين، وإنقاذ الأمل في إصلاح حقيقي.

فالخطر لم يعد نظرياً: الرداءة تقتل، الجهل يهدم، والتزوير يدمر الأجيال.

فهذا الوطن يستحق قضاة نزهاء، وأساتذة أفذاذ، وأطباء مخلصين، ومهندسين عباقرة ومسيرين وطنيين وليس إلى دمى مزيفة ولا إلى أصوات جوفاء تقتات على الجاه والمظاهر.

أما أنت، يا من ألهم هذا المقال، فلن أساندك، ولن أدافع عنك، ولن ألتمس لفعلتك عذراً فنحن لا نتقاسم نفس سُلم القيم، لأنك لا تعْدو أن تكون مجرد محتال أفّاك، وحاشا أن تكون أستاذاً باحثاً ولا منتميا لهيئة التدريس بالجامعة  بل إنك وصمة عار في جبينها وهي التي تزخر برجالات عظام أجلاء محترمين بريئين مما أنت فيه. إن سقوطك من علِ مِنة نأمل أن تجر معك كل مدلس كذاب من أمثالك وأتباعك وحماتكم مهما علا شأنهم ثأراً لمن دونكم من الشرفاء الأتقياء النزهاء ممن اختاروا الانتماء للجامعة المغربية معتبرين ذلك رسالة مقدسة وليس مجرد مهنة

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد