عبد الغني لزرك ، البئر الجديد
شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة شعيب الدكالي بالجديدة يوم الجمعة 22نونبر 2024 مساء بمدرج دراسات الدكتوراه، حدثا بارزا تمثل في تكريم واحد من رواد التاريخ ومؤسسي شعبة التاريخ بكلية الآداب بالجديدة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، الأمر يتعلق بالأستاذ الدكتور أحمد الوارث أحد متخصصي تاريخ التصوف، هذا التكريم الذي أشرفت عليه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة وشعبة التاريخ بنفس الكلية ومختبر المغرب والبلدان المتوسطية وانخراط طلبة الدكتوراه والماستر والاجازة.
انطلق الحفل البهيج في حدود الساعة 15:00 بعد الزوال واستمر إلى حدود 19:30 مساء ، وقد عرف الحفل مداخلات وشهادات مؤثرة في حق المحتفى به، استهل الجلسة مسير الحفل ومدير مختبر المغرب والبلدان المتوسيطية الدكتور عبد الله فلي ،الذي أثنى على خصال المكرم وجديته في العمل وما أسداه من خدمات علمية وبحثية رفيعة، وبعدها مداخلة نائب العميد الدكتور قاسم الحادك، ثم مداخلة رئيس شعبة التاريخ الدكتور حسن امحرزي . تلت بعدها شهادات مؤثرة للدكاترة د. أحمد المكاوي ، د عبد المجيد بيهيني، د ماجدة بنحيون، د. عثمان المنصوري، د. نفيسة الذهبي، د. علي هدهودي، د. حسن العباسي، د. رضوان خديد، د. محمد نعايم… ولم يمنع البعد بنات الدكتور الوارث من الادلاء بشهادة في حق أبيهما عبر تقنية الفيديو المصور.
والطلبة رشيد المرس، زينب بن غزيل ، حمزة بن الصاع . كل الشهادات أثنت بخصال المحتفى به ونبله وسخائه العلمي وما أسداه للبحث العلمي والأكاديمي من خدمات تدريسا لأفواج كثيرة وتأطيرا لبحوث الاجازة وسائل الديزا في النظام القديم والماستر في النظام الجديد وأطاريح الدكتوراه. كما عرف الحفل توقيع المحتفى به للمؤلف الجماعي المهدى له، وقدم الدكتور حسن طويل قراءة في أعمال الباحثين المساهمين في هذا المؤلف.
أنتج الدكتور أحمد الوارث عشرات الكتب والمقالات ومساهمات قيمة ، حيث حرر لمعلمة المغرب 50 مادة. أبدع في التاريخ خاصة الشق الصوفي منه وأصبح مرجعا مهما فيه. بل كتب في خريف عمره في الأدب وتوفق فيه بل حاز على جوائز في القصة القصيرة، كتب نصوص قصصية هادفة ودامعة مثل ” العمر فرصة”، تميز بسلاسة الأسلوب وأناقة العبارات وانتقاء الكلمات بدقة عالية، قدم للقارئ إنتاجات في مجال التاريخ الحديث في قالب إبداعي رفيع، امتلك قدرة التحليل والتحلي بأخلاقية المؤرخ الموضوعي، عرفت كتاباته انتشارا واسعا واقبالا كثيرا من طرف الباحثين. تنازعه التاريخ والأدب، فهو الوفي والابن البار للتاريخ ، والفتى المدلل للأدب، أبدع فيهما معا ولو أن الأول قضى فيه عمرا والثاني في فترة متأخرة. عرف عنه طريقة خاصة في التدريس الجامعي، يبدأ من المفهوم ويجزئه ويبسطه وينطلق بالشرح والتحليل، يقارن ويستخلص ويستنتج في نهاية كل محاضرة. كيف لا وهو تدرج في أسلاك التدريس بدء من السلك الاعدادي والتأهيلي وانتهاء بالجامعي. ارتبط وجدانه بالمدشر الذي نشأ فيه، ذكره كثيرا في كتاباته وبوحه، وكأن المدشر كان هو الخلوة الصوفية الأولى والمرتع الروحي الذي تربى فيه، والذي كان بمثابة الحجر الأساس لبناء شخصيته وتوجهه العلمي في فترة مبكرة. أعطته تربيته التقليدية التي تعتمد على مبدأ الاحترام والتسامح، فكان إنسانا متسامحا ونبيلا، وموقع المدشر وانعزاله المجالي أعطاه، تربية صوفية ،روحية، نقية، خالية من الشر، صار في تاريخ التصوف حتى أصبح قطبا ومرجعا فيه بشهادة أصدقائه ومعارفه ومحبيه…
شغل مناصب مهمة علاوة على التدريس، محافظا للمكتبة ورئيس شعبة التاريخ وعضو في اللجن العلمية في مجلات علمية محكمة.
في نهاية التكريم كانت مداخلة المحتفى به الدكتور الوارث الذي شكر الجميع ولم ينس جميل أستاذه الذي كان له الفضل الكثير عليه الدكتور الكبير أحمد بوشرب الذي أشرف على رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، الموسومة بعنوان ” الأولياء ودورهم الاجتماعي والسياسي في المغرب خلال القرن 16م”، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، ظهر المهراز – فاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله،1988م، وأطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ ، الموسومة بعنوان ” الأولياء والمتصوفة ودورهم الاجتماعي والسياسي في المغرب خلال القرنين 17م و 18م”، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، عين الشق – الدار البيضاء ، جامعة الحسن الثاني ،1998م.
فكان التكريم بمثابة رد شيئا من الاعتبار وشيئا من الجميل لهذا المؤرخ الذي نقش اسمه بقوة في مجال التاريخ خاصة تاريخ التصوف، تاريخ الرباطات والزوايا والصلحاء والأولياء في المغرب الحديث.