المصطفى المعتصم
ما هذا الهراء وما هذا الاستحمار . فهذا الأستاذ التحق بداعش لأنه كانت لديه القابلية للدعوشة، قابلية فكرية ومذهبية وسياسية . هذه القابلية بمثابة تربة مغدية لكل النباتات الضارة التي قد تستفيذ من انسداد الأوضاع السياسية وتدهور الأوضاع الاجتماعية والإقتصادية والحقوقية .
السؤال الذي يتحتم علينا الجواب عنه هو لماذا أصبح الكثير من شبابنا له مثل هذه القابلية والأمر سيان عندي بين من يختار الدعوشة ومن يختار الفحوشة فداعش وفاحش وجهان لعملة واحدة عنوانها البارز الاختراق والتطرف؟ . من وما الذي أوجد لدى شبابنا هذه القابلية للاستحمار والتوظيف سواء من طرف البغدادي ودولته أو من طرف عبدة الشياطين ؟
الجواب يحيلني إلى مجالين أقدر اننا أخفقنا فيهما اخفاقا كبيرا مهما حاولنا اخفاء الشمس بالغربال : التعليم والشؤون الدينية.
في منظومتنا التعليمية قلصنا من كل ما يفيذ في بناء الفكر النقدي سواء في ما يتعلق بالمنطق أو الفلسفة بدعوى أنهما ساهما في نشر الإلحاد وتخريج الملحدين وهذا أمر مضحك مبكي . فالمدرسة المادية ما هي إلا جزء بسيط من بين المدارس الفلسفية الأخرى وعلى رأسها مدارس الفلاسفة المسلمين. كما أن عدد الفلاسفة المؤمنين الموحدين يفوق بكثير جدا عدد الفلاسفة الملاحدة. لكن أريد لدروس الفلسفة في الماضي أن تلعب دور ابعاد الناس عن دينهم وأريد بعد ذلك أن يقتنع المغاربة بخطر الفلسفة على إيمانهم . والحقيقة أن المبتغى من وراء هكذا مرافعة هو اغتيال العقل المبدع المغربي وانتاج الإنسان الفاقد للقدرة على التمييز وتفعيل العقل بالشكل المناسب في الوقت المناسب. ولهذا آيضا أجهزوا على الجزء المتعلق بالمنطق الرياضي وأضاعوه بعدم اعتماده كدرس قائم بذاته بل بتوزيعه بين أجزاء مقرر الرياضيات . وحتى الفكر الإسلامي والدراسات الإسلامية كان كل الحرص على اعتماد مناهج وبرامج هدفها ابعاد الطلبة من الحس النقدي البناء وكأن العالم الإسلامي لم ينتج فطاحلة الفكر والفلسفة حتى أن الفارابي صنف بالمعلم الثاني وابن تيمية فكك طلاسم منطق آرسطو بشكل غير مسبوق.
أما على مستوى تدبير الشأن الديني فأقول أنه في زمن حضارة الصوت والصورة وبالأخص الميديا-مونسونج منها فإنه من الصعب جدا التحكم في ما يتلقاه المتلقي المغربي من التيليفزيونات ومن وسائل الاتصال الاجتماعي من فتاوى وأراء لعلماء ودعاة أصبحوا بمثابة نجوم تيلفزيونية . في هذا الزمن من الخطأ الاستمرار في الارتجال والتحكم المفرط فيه مما أفقد علمائنا الكثير من المصداقية ومنهم من اختار أن ينزوي جانبا وهو ما أتاح الفرصة أمام الهجمة الشرسة المذهبية والفكرية التي تعرفها بلادنا .
الدعوشة كالفحوشة رؤية وفلسفة وجود واختيار لا بد من مواجهتهما برؤية وفلسفة وجود واختيار أصلح وأمتن فالبقاء دائما للأصلح ، البقاء لما ينفع الناس أما الزبد فيذهب سدى . شرط أن لا يغيب موسى لأن غيابه يسمح للسامري بالظهور . إذن فكل موسوي يحتاج بعد الله إلى ترتيب العقول لتشاركه في عمارة الأرض والقيام بما ينفع الناس وكل سامري يسعى إلى تعطيل العقول للتلاعب بها حتى تقوم بما يدمر الأرض و الإنسان.