المصطفى المعتصم
في كل البلاد التي أراد بعض أهل الحداثة فرضها بالقوة والعنف حتى ولو تطلب الأمر التحالف مع القوى الاستبدادية والقوى التي كانت لها مصلحة في بروز عسكاريتارية استعمارية تغدي حروبها الميركانتيلية ، أقول ، في هذه البلاد حدثت زلازل عنيفة هزت بقوة مجتمعاتها. ولكن ، بعد كل زلزال كان عاديا أن تحدث موجات ارتدادية أكثر عنفا ودمارا من طرف قوى المحافظة. وكلما كان هذا الطرف يبالغ في النهج الاقصائي والعنف ، كان الطرف الآخر يزداد مبالغة في ردة فعله . فكانت المآسي وكانت الحروب الأهلية والحروب الطائفية والمذهبية والحروب بين القوى الاستعمارية بل وحتى الحروب العالمية .
نعم تطرف مبالغ فيه مقابل تطرف مبالغ فيه ومتطرفين تجاوز عنفهم واقصائهم للآخرين وشموليتهم لكل الحدود مقابل تطرف ومتطرفين على نفس القدر والإصرار في شموليتهم واقصائيتهم وعنفهم للآخرين . ولم تهدأ الأوضاع وتستقر البلدان إلا حينما استطاع أهل الوساطة من الجانبين امساك قدر شعوبهم وبلدانهم بين أيديهم ونجحوا في اسكات وتهميش أصوات التطرف من الجانبين . حدث هذا في ألمانيا وروسيا واليابان والهند وأندونيسيا وتركيا ووووو.
ما تعيشه البلاد العربية والإسلامية اليوم هو إعادة وتكرار لهذه التجارب المأساوية التي عرفتها أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ولكن بشكل أكثر عنفا ودموية وهمجية و آن الأوان لكي يقول أهل الوسطية من الجانب الحداثي العلماني وأهل الوسطية من الجانب الإسلامي كلمتهم كي تخرس البوم الناعقة من الجانبين . آن الأوان أن يذهب الجانبين الوسطيين نحو الاتفاقات والتوافقات التاريخية التي ستمكن شعوبنا ودولنا من الارتقاء نحو العلى من دون مس بوحدة الأوطان والشعوب وبدون مس بالغنى الذي يمثله التنوع والتعدد فيها