عام 2006، أُرسل الجنرال الكندي دافيد فرازر إلى أفغانستان، وهناك كُلِّف باختيار جندي لتأدية دور استخباراتي، وأياً من كان سيختاره فإنه يجب أن يتحلى بالمعرفة الكافية بالبيئة المحلية وبالفهم العميق للعمل الاستخباراتي العسكري، حتى يمثل جسراً بين الجنود الكنديين والمسؤولين الأفغان، للمساعدة في التغلب على طالبان.
كان الاختيار الأنسب هو هارجيت ساجان، محقق سابق بشرطة مدينة فانكوفر، ومتخصص في التحقيق حول العصابات والجرائم المنظمة. يقول فرازر لـGlobe and Mail، “اخترته نظراً لخبرته في التعامل مع العصابات، ولأن طالبان لا تختلف كثيراً عن عصابات الشوارع”.
هذا الأسبوع عُين ساجان الذي عاد إلى أفغانستان عام 2009 و2011، وزيراً للدفاع في وزارة جاستين ترودو رئيس الوزراء الكندي الجديد، ويعد ساجان أول سيخي يعين في هذا المنصب، بدلاً من الوزير السابق جاسون كيني، الذي لم يكن يمتلك خلفية عسكرية ميدانية مثل وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر.
في الولايات المتحدة، يبلغ عدد السيخ المدرجين في صفوف الجيش الأميركي حوالي 3 فقط، وكلهم يعملون في مهام غير قتالية إلا في بعض الظروف النادرة.
ووفقاً للبنتاغون فإنه يُمنع مؤدّو الخدمة العسكرية من إطالة شعر الوجه أو ارتداء غطاء رأس ديني، وكثيراً ما سعى قادة السيخ في الولايات المتحدة إلى إجراء تعديلات على السياسات التي تعتبر مظاهر السيخ من لحى طويلة وتوربان (أغطية رأس) غير مقبولة عسكرياً.
البنتاغون الأميركي برر أسباب منع السيخ من إطالة لحاهم بأن أقنعة الغاز ستصبح غير مناسبة لهم، أما الجيش الكندي فقد سمح بتصميم قناع غاز خاص بساجان، والذي قد سجل براءة اختراعه لاحقاً. في عام 2011 عندما خدم ساجان كمستشار للجنرال الأميركي جايمس تيري في أفغانستان، أشار إلى مفارقة أنه يقدم الاستشارة للجيش الأميركي بينما الأميركان لا يسمحون بانضمام السيخ إليهم.
ولد ساجان في الهند وانتقل إلى كندا عندما كان عمره 5 سنوات، لكنه لم يُعمد كسيخي إلا عندما أصبح مراهقاً، إذ رأى أن السيخية هي التي ستضعه على الطريق القويم، وعمل ساجان كضابط شرطة في فانكوفر، حيث كان يلقي القبض على العصابات وتجار المخدرات.
عندما انضم ساجان لأول مرة إلى الجيش الكندي، ساعدته خلفيته العسكرية في الاندماج مع المجتمعات التي خدم فيها، بفضل إجادته اللغة البنجابية، ففي أفغانستان تمكن من التعامل مع الشيوخ الأفغان نظراً لتقارب لغة الأوردو التي يتقنها كثير من الأفغان مع البنجابية، وفي البوسنة استطاع التوسط في الصراع بين المسلمين والمسيحيين.
بالنسبة لساجان، فإن السيخية تهيئ له الطريق نحو الحياة العسكرية، يقول ساجان لموقع Vancouver Sun “لم يكن الأمر متعلقا بالدين، إنما متعلق بالهوية، احتجت إلى الالتزام لأنني أعرف أنه سيضعني على الطريق الصحيح، وجدت المعنى الحقيقي للسيخية، وأحببت جانب المقاتل فيها”.
حصل المقاتل السيخي على 13 وسام شرف لخدمته العسكرية، تشمل وساماً حصل عليه بسبب دوره في قتال طالبان بمحافظة قندهار، وعقب رجوعه من أفغانستان عام 2011 تمت ترقيته كمقدم، بجانب تعيينه قائد فوج احتياط بمقاطعة “كولومبيا البريطانية” بكندا، ما جعله أول سيخي يحصل على هذا المنصب.
ويبلغ عدد السيخ في كندا نسبة أقل من 2%، لكنهم فاعلون في الحزب الليبرالي، وفي حكومة ترودو المكونة من 30 وزيراً، هناك 4 وزراء يرجعون لخلفيات سيخية، ما يعد ضعف عدد السيخ في الحكومة الهندية.
بالنسبة لساجان فإن دوره في الجيش والحكومة يتفق مع أكثر قيم يقدرها في تعاليم دينه، يقول ساجان: “من المهم الدفاع عن حقوقك، لكن هناك شرطاً وهو الدفاع عن حقوق الآخرين”.