بقلم: عبد الغني عارف
تناهى إلى الأسماع دوي اصطدام قوي. تجمع المارة بشكل فوضوي لاستقصاء ما حدث. صراخ يتعالى هنا وهناك. تطاولت الأعناق أكثر وأكثر.. يا له من مشهد مؤلم: جثة فتاة شابة غارقة في الدماء ملقاة على الطريق. ساد الذعر جميع الوجوه. فجأة نهضت الفتاة من جثتها مترنحة. صاحت في وجه المارة ضاحكة: “أعرف أنكم جميعا ميتون.. أما أنا، فالحقيقة أنني لا أدري كيف نجوت من هذا الحادث المروع”.. جمعتْ دماءها واتجهت نحو أقرب مقهى. فتحت حقيبتها اليدوية. تأملت وجهها في مرآة دائرية صغيرة الحجم. ابتسمت راضية عن نفسها. طلبت من النادل عصير ليمون بارد. داعبت أزرار هاتفها المحمول وهي تكتب رسالة قصيرة لحبيبها تخبره فيها أنها في انتظاره في المكان المعلوم. همست لنفسها: “أنا عاشقة إذن أنا لن أموت”. شكرت النادل وهو يستجيب لطلبها، وخارج المقهى شرع المارة في حفر قبورهم.
في اليوم الموالي قرأت مذيعة الأخبار خبرا يقول: إن الحادث المروع لم يخلف، لحسن الحظ، سوى موت جميع المارة ونجاة ميتة واحدة تم دفنها في اليوم نفسه بمقبرة المدينة.
وبعد انتهاء نشرة الأخبار تساءل الجميع: ترى من دفن من ؟ ..