أشرف لعروسي: مدير موقع أصوات مهاجرة
اكتمل مسلسل التراجيدية الإنتخابي أمس بفك طلاسيم وجه السياسة بالمغرب ، بالإعلان عن مكونات المجالس الجهوية ومجالس الجماعات البلدية والقروية .
فكان هناك شبه إجماع لكل متتبعي سياسة الأحزاب المغربية أنه لا مكان للديمقراطية في بلد لا يحترم إرادة شعبه ، لقد تحولت السياسة الى مومس رخيصة (مع كل الإحترام للعاهرات اللواتي يبعن أجسادهن لتوفير لقمة العيش) ، الكل يرى فيها متعة لغرائزه الحيوانية ،ومطلبا لتحقيق الرغبة المرضية في الإنقضاض عليها تلبية لمطامح شخصية لا تمت لسلَّم القيم في شيء.
فبقراءة بسيطة للإنتخابات التي جرت بالمغرب مؤخرا يمكن للقول أن الأحزاب المكونة للمشهد السياسي المغربي لم تبادر في مسايرة ركب الحراك الإجتماعي والنقاش العمومي في إعادة ترميم هياكلها ، وتطعيمها بوجوه جديدة غير مألوفة، ،فقد كان من المفروض الرجوع الى القواعد لصياغة أرضيات النقاش وفق التحولات التي تعرفها البلاد بدءا بالدستور مرورا بقانون الأحزاب ووصولا للقوانين المنظمة للإنتخابات ، ومن تم تقييم مدى أهلية الحزب في وضع أرضية صلبة تنسجم ومبدأ المشاركة في الإستحقاقات الإنتخابية . غير أن الماسكين بكراسي هذه الدكاكين الإنتخابية ليست لهم الرغبة للإنصات لصوت الشارع ، ويعتبرون هذا التوجيه الذي لمح اليه الخطاب الملكي الأخير هو مجرد ترهات وشعارات جوفاء ، فهم يعلمون من أين تؤكل الكتف ، وكيف بإمكانهم استمالة الناخبين سواء بالتحايل المادي أو بدغدغة المشاعر الدينية والعشائرية للمصوتين الضعفاء. فدخلت جل الأحزاب للملعب الإنتخابي بنفس اللاعبين الذين رٌفعت ضدهم لافتات ديگاج وبنفس الخطة التقليدية ، فكانت الصدمة شديدة في صناديق الإقتراع التي اندحر داخلها السياسيين من ورق ، ليؤكد الشعب أنه أذكى بكثير من المحتالين السياسيين ، فكانت النتيجة مشاركة ضعيفة للناخبين وفوز الأصالة والمعاصرة في الإنتخابات الجماعية والعدالة والتنمية في انتخابات المجالس الجهوية من حيث عدد الأصوات والى حد ذلك فاللأمر يبدو عاديا ومقبولا نظرا للإقبال على هاذين التنظيمين من طرف الناخبين لعدة اعتبارات الكل يعرفها .
لكن ما شوه الفعل السياسي ونحر الديمقراطية بسكين غير مصقول هو التحالفات التي أعقبت إفراز النتائج فقد اختفت شعارات الالتزام بمبادىء الحزب ، والإنضباط وتموقع الحزب سواء مع المعارضة أو مع الإئتلاف الحكومي ،وأصبحنا أمام مسرحية كوميدية مبكية مبهمة بالنسبة للمواطن الذي صوت لفلان ضد علان ليجد أن الإثنان هما شخصا واحدا كل منهما يغير جلدته كالحرباء ويلبس لون غريمه . والمغرب ينفرد في مسألة تهريب المستشارين الفائزين من أجل ضمان الأغلبية ما يؤكد عقليات هؤلاء المرشحين الذين يميلون مع ريح الربح ويؤشر على تفكك ارتباط الأفراد بأحزابهم اذا ما قابل ذلك المصلحة الشخصية .
تشكيل المجالس المنتخبة الآن هي صورة لنهاية مشوهة لانطلاقة خاطئة منذ البداية يصعب معها التقويم، فليوزع منتخبونا الغنيمة ويهتموا بمشاريعهم ، أما الشعب المستضعف سيتراجع لخطف النظر من وراء حجاب أسود ليرى مصيره بين
أيادي أصحاب البطون ، فلهم الله أما الوطن فيبكي حظه مع السياسيين