هلال العابدي
مرّة اخرى يضرب ارهاب داعش التكفيري المملكة العربية السعودية في عقر دارها و بنفس النمط و الاسلوب من خلال استهدافه للمصليّن في بيوت الله الآمنة, و في حيثيّات هذا الحادث الاليم فأن انتحاري تكفيري يرتدي حزام ناسف يتنّكر بزي عامل نظافة يستطيع ان يدخل يوم الخميس و خلال صلاة الظهر الى مسجد تابع لقوات الطوارئ السعودية في داخل ثكنة عسكرية متسببا بقتل 15 شخصا و بجرح اخرين, فخلال العام الجاري سبق هذا التفجير حادثتي تفجيري الاحساء و الدمام في يومي 22 و 29 من مايو الماضي و الذي ذهب نتيجته ايضا عددا من الضحايا بين شهداء و جرحى, فهو اذن امر ليس بجديد على اجهزة الامن و المراقبة في المملكة العربية السعودية و التي تأخذ دائما تهديدات داعش على مأخذ الجدّ, الاّ ان الملاحظ هنا هو بعض النقاط البارزة و التي سنناقشها بشكل موجز في هذا البحث وهي اولا, ان الاستهداف قد تمّ يوم الخميس ظهرا و هو عكس ما كان متوقعا من سابقاتها في ان تتم الاستهدافات في ايام الجمع و اثناء صلاة الجمعة, ثانيا ان الاستهداف جاء على مسجد في داخل ثكنة او موقع عسكري و هذا يعني ان الارهاب و مخططيه ليست لديهم حدود في المساحة الاعتبارية و الجغرافية التي يرومون الوصول أليها و بالتالي لهم مطلق الحرية في اختيار اهدافهم مهما كانت الحراسة عليها مشددة, ثالثا قدرة مخططي و منفذي الهجمات على الخداع و المناورة في الوصول الى الهدف من خلال التنّكر و محاكاة الارضية الحقيقية و الظروف المحيطة بالهدف مهما كان نوعها و هذا يدلّ على الاحترافية العالية التي يتمتع بها المنفذون اضافة الى الطاعة العمياء و الولاء المطلق الذي تقوم عليه اغلب الافكار و الحركات الجهادية, و اذا علمنا ان وزارة الداخلية السعودية قد اعلنت بتاريخ 18 يوليو المنصرم تمكنها من القاء القبض على 431 مشتبه به و مقتل 37 شخصا و اصابة 120 اخرين خلال عملية امنية للتوقيف و الاطاحة بالتنظيمات الارهابية المكونة من خلايا عنقودية مرتبطة بتنظيم داعش الارهابي, حينها فقط سندرك الى ايّ مدى تقع على اجهزة الامن السعودي و السلطات المختصة المسؤوليات الجسيمة و التحديات الكبرى التي تحتم عليهم ليس فقط تطوير كفائتهم و حاستهم و مجساتهم الامنية للخروج عن المألوف في مواجهة هذه الموجة من العمليات و انما ايضا تجفيف منابع الارهاب قطع دابره بطرق مبتكرة لمواجهة هذه التنظيمات التي لم تعد تعتمد على تعليمات تاتيها من غرف و سراديب و كهوف مظلمة بل من قادة ميدانيين يعيشون في المدن و الاحياء التي يستهدفونها و هم ادرى بها و بطرق الولوج اليها و الخروج منها, لقد بدأ تنظيم داعش بالاستفادة من بعض الانتصارات الاعلامية التي يحققها انصاره على الارض في كل من العراق و سوريا و ترجمتها الى فعل ارهابي يدفع ثمنه اناس ابرياء من خلال كسب ودّ المتعاطفين من الشباب ذوو الميول الدينية الفطرية لأجراء عملية غسيل لأدمغتهم و الوصول بهم الى ان يبيعوا ضمائرهم للشيطان بقتل الابرياء في جوامع و مساجد المسلمين, من اجل الدخول الى جنة وهمية لا توجد الاّ في مخيلتهم فقط و هم ابعد ما يكونوا عنها, ان هذه العمليات المدانة من قبل جميع الاطراف العربية و الدولية سواء كانت في المملكة العربية السعودية او في احدى دول الخليج العربي الاخرى لا تخرج من دائرة الشبهات التي تحيط بنظام ولاية الفقيه الايراني و محاولة تصدير ثورته المشؤومة من خلال اللعب الغير المسؤول بأمن هذه الدول و ارسال السلاح و المتفجرات الى خلاياه النائمة و ليس اخرها اعترافات الخلية البحرينية و المؤلفة من 6 اشخاص حول تدريبهم و تجيزهم بمتفجرات من خلال الحرس الثوري الايراني و ايضا اعترافات العميل العراقي في فيلق القدس الايراني و الذي يحمل ايضا جواز سفر نرويجي وقبض عليه متلبسا في الاسبوع الاول من الشهر الماضي في العاصمة الاردنية عمان, فلو ربطنا بين هذه الحوادث و التسللات و ما تقوم به داعش من تفجيرات و استهدافات في بعض الدول لما كنا نحتاج الى عناء كثير في ربط خيوط اللعبة التي تريد ايران النأي بنفسها عنها و لتبيّن لنا التعاون و التنسيق العالي المستوى بين خلايا ايران النائمة و بين اصوليو القاعدة و داعش و من ورائهم الفكر التكفيري من ناحية اخرى, فمما لا يخفى على عاقل انهم لهم هدف واحد و هو تشويه صورة الاسلام الحنيف و تفرقة الصفوف و اضعاف شمل الامة ومن ثم لتسهيل القضاء عليها, على وزراء داخلية دول المنطقة و رؤساء اجهزة الامن و الاستخبارات شحن الهمم و توحيد الجهود من اجل القضاء على اكبر آفة تهدد الوجود و الامن القومي العربي و الاسلامي.