برلين – خيب القرار الذي اتخذته ألمانيا أمس الأحد، والمتعلق بفرض رقابة مؤقتة على حدودها لا سيما مع النمسا، آمال الكثير من اللاجئين الفارين من الحروب في بلادهم.
وقد لعب موقف ألمانيا المرحب باللاجئين، دورًا هامًا في توجههم إلى ذلك البلد، كما شكلت ألمانيا مع السويد، وجهتين رئيسيتين لاستقطاب اللاجئين.
ولم تكتف ألمانيا التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين السوريين القادمين من المجر، بتغيير موقفها والتراجع عن الحفاوة التي أبدتها خلال الأيام الماضية عقب تزايد أعدادهم، بل أعلنت عن تعليقها لـ “اتفاقية شنغن”.
وقد كشفت مصادر للأناضول، أن دخول نحو 20 ألف لاجئ إلى ألمانيا، خلال الأسبوع المنصرم، لعب دورًا كبيرًا في التأثير على القرار الألماني، ودفعته نحو التشدد ضد اللاجئين، منعًا من وصول المزيد.
الأسباب التي دفعت ألمانيا إلى إعادة مراقبة حدودها:
– أعلنت الداخلية الألمانية في أغسطس/ آب الماضي، وصول نحو 220 ألف لاجئ إلى البلاد، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2015، كما حذرت الحكومة الألمانية وقتها من أن عدد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا سيصل إلى أكثر من 800 ألف لاجئ حتى نهاية العام الحالي.
– شن اليمينيون المتطرفون هجمات على مراكز لإيواء اللاجئين بولاية “بادن-فورتمبيرغ”، أعقبه زيارة للمستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” إلى المراكز، حيث أعربت هنالك عن استنكارها للهجوم.
– سمحت ميركل للاجئين السوريين بدخول بلادها، عقب تفاقم أزمتهم في المجر، ما أدى إلى تدفق اللاجئين المتواجدين في المجر بالقطارات عبر النمسا إلى ألمانيا.
– أثارت صورة غرق الطفل السوري “أيلان الكردي” (3 أعوام) على سواحل بودروم التركية، تعاطف الحكومة والشعب الألمانيين، ما أدى إلى استقبال اللاجئين الواصلين إلى البلاد في المحطات الرئيسة للقطارات.
– قررت الأحزاب التي تتشكل منها الحكومة، تقديم 3 مليارات يورو لإسكان اللاجئين، إضافة إلى 3 مليارات أخرى، لمساعدتهم.
– وصل إلى مدينة “ميونخ” الألمانية، منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الحالي، أكثر من 60 ألف لاجئ، فيما بلغ عدد الذين وصلوا البلاد خلال الأيام الثلاثة الأخيرة فقط، نحو 20 ألف لاجئ.
– وجهت حكومة ولاية “بافاريا”، التي تعد أول محطة وطأتها أقدام اللاجئين، انتقادات لقرارات ميركل تجاه الأزمة، فيما قال رئيس بلدية ميونخ، “لم يعد بالإمكان التعامل مع هذه القضايا”.
الاتحاد الأوروبي يتجه للصدام بشأن خطط لتوزيع المهاجرين
وفي ذات السياق، يتجه أعضاء الاتحاد الأوروبي للصدام، اليوم الاثنين، بشأن مقترحات لتوزيع طالبي اللجوء على دول أوروبا وهي الخطة التي تؤيدها ألمانيا وترفضها عدة دول شيوعية سابقة في شرق القارة.
ويناقش وزراء الداخلية مسودة اتفاق في بروكسل للموافقة على اقتراح للمفوضية الأوروبية يقضي بتوزيع 120 ألفا من أصحاب الحالات المستحقة في أنحاء القارة، لكنه يجعل طريقة توزيعهم مطروحة للنقاش خلال الأسابيع القليلة القادمة.
وأوضح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أنه أقام بالفعل الشهر الماضي نقاط تفتيش جديدة بالقرب من الحدود الإيطالية، وقد يحذو حذو ألمانيا في تعليق لوائح “شنغن” للحدود المفتوحة بين البلدان الأوروبية إذا دعت الضرورة.
ودعا إلى إجراءات رقابة أكثر صرامة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وإلى المزيد من المساعدة لتركيا والدول الأخرى التي تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين السوريين.
واقترح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر – بدعم من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند- وضع نظام حصص تستقبل بموجبه دول الاتحاد الأوروبي أشخاصا من الدول التي تحد مناطق الصراعات والتي تتحمل أكثر من طاقتها.
لكن هذا الأمر يلقى معارضة من بعض الدول الشيوعية السابقة في شرق أوروبا خاصة سلوفاكيا وجمهورية التشيك والمجر رغم أن المجر ستستفيد من الخطة. وتقول تلك الدول إن نظام الحصص سيجذب المزيد من المهاجرين إلى أوروبا ويعرقل مجتمعاتها التي لم تعتد على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين.
وقال وزير داخلية سلوفاكيا روبرت كاليناك لدى وصوله للاجتماع: “نظام الحصص ليس هو الحل.”
ويتعين على الوزراء الاتفاق على سلسلة إجراءات لتعزيز الدفاعات على الحدود الأوروبية المشتركة من خلال تحسين الأساليب المتعلقة بتحديد وفرز الأشخاص القادمين والتحرك سريعا، لترحيل المهاجرين لأسباب اقتصادية إذا تبين أنهم غير جديرين بالبقاء كلاجئين من الحرب أو الاضطهاد.