انتفاضة الشعب العراقي ضدّ الطبقة السياسية العراقية وآثارها على العامل الاقليمي

 هلال العبيدي: كاتب و محلل سياسي عراقي مقيم في باريس 

اولاـ  ماذا يجري في العراق

لم تتوقع الاوساط المتابعة وسياسيو المنطقة الخضراء و حتى طبقة رجال الدين في ان يقوم الشعب العراقي بانتفاضة سلمية (حتى الان) ضد المراكز الاساسية الثلاثة القابضة على دفة الحكم في العراق و هم اولا الطبقة السياسية من كتل و أحزاب ثانيا القضاء العراقي الذي يحمي الطبقة السياسية و الذي لا يقلّ فسادا عنه ثالثا طبقة رجال الدين و المرجعيات الدينية التي تحمي و تضللّ بدورها على مجمل العملية السياسية منذ عام 2003.فالقارئ فيما بين السطور في الشعارات التي رفعها المنتفضون سيجد انّ الشعب العراقي و بعفوية بسيطة وضع يده على الجرح النازف في العراق و منذ الاحتلال الامريكي لهذا البلد في عام 2003 و شخّص من خلال مطالبه العديدة اسباب الخلل و كيفية معالجة هذه الازمة و كانت من اهمّ هذه المطالب خمسة وهي :

اولاـ محاربة رموز الفساد  و احالتهم الى القضاء و استرجاع الاموال المسروقة.

ثانياـ اصلاح منظومة القضاء العراقي و اقالة رئيسها السيّد مدحت المحمود و المعيّن منذ عام 2003 بهذا المنصب بأمر مباشر من الامريكان.

ثالثاـ حلّ البرلمان العراقي و اجراء انتخابات مبكرّة.

رابعاـ الغاء الدستور الذي كتب على عجل و لاحتوائه على ثغرات عديدة تحمي رموز الفساد في العراق و اعادة كتابته.

خامساـ تشكيل حكومة من اصحاب الاختصاص و التكنوقراط لإدارة البلد في المرحلة المقبلة.

تمثل هذه المطالب الخمسة الحدود الدنيا لما خرجت من اجله الجماهير المنتفضة و هي تشكل عامل ضغط اساسي على حكومة حيدر العبادي التي تريد ان تلتف و تُسطّح هذه المطالب الرئيسية الخمسة بحزم من الاصلاحات الترقيعية التّي لا غاية منها إلا امتصاص غضب الشارع العراقي الذي نفذ صبره و هو يرى مستقبل البلد و ابنائه تضيع على ايدي حفنة من رموز الفساد تحميهم مؤسستان قضائية و دينية !!

ما لم يقله الشارع العراقي بعد هو الاهمّ في هذه المعادلة و هو يختفي بحذر تحت شعار مركزي رفعته الجماهير بخجل في الجمعة الاولى من هذه الانتفاضة حتى اصبح من شعاراتها المركزية و بقوّة في الاسبوع الخامس و هو شعار (باسم الدين ..سرقنا اللصوص) فهل هناك اوضح من هذه الرسالة التي يريد الشعب ان  يوصلها الى طبقة رجال الدين و المرجعيات ؟

بعد ان استشعرت اغلب الفئات السياسية الحاكمة و خصوصا فئة رجال الدين و المرجعيات هذه المطالب التي تضرب بقوة في الشارع العراقي تحسست رؤوسها اولاّ و حاولت الالتفاف عليها ثانيا و ركوب موجة الاحتجاجات من خلال تبنّي هذه المطالب الشعبية بلّ و المناداة بها!!

بل ان التيار الصدري امر اتباعه بالنزول الى الشارع تأييدا للمتظاهرين و المنتفضين!!

لا يمكن لثلّة من المنتفعين و اللصوص ان تزايد طويلا على مستقبل هذا الشعب الذي عرف عنه (سحل) اغلب رؤسائه و قتلهم بطرق بشعة.

هل سنرى تغييرا حقيقيا في العراق خلال الاشهر القادمة وخصوصا ان تنظيم داعش لا يبعد سوى 60 كيلو مترا عن بغداد؟

 

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد