العربية الفصحى  اللغة المفضلة للتدريس لدى غالبية المغاربة

الرباط :زينب الدليمي 

 كشفت نتائج النسخة الثالثة من البحث الوطني حول الرابط الاجتماعي 2023، الذي أعده المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية ،   أن العربية الفصحى لا تزال اللغة المفضلة للتدريس لدى غالبية المغاربة ، حيث عبر 73 من المشاركين عن تفضيلهم لها ،على الرغم من تضاعف نسبة تفضيل الدارجة ثلاث مرات مقارنة بعام 2016 ، إلا أنها لا تتجاوز 11بالمائة  في عام 2023 ، والأمازيغية نسبة تفضيلها 5 بالمائة مما يشير إلى أن المطالب المتعلقة بتعميمها كلغة للتعليم تظل مسألة نخبوية ، وقد شهدت اللغة الفرنسية تراجعا ملحوظا في تفضيل المغاربة حيث انخفضت النسبة ، من 63.5 بالمائة في 2016 إلى 36.9 في المائة في 2023 ، كما شهدت اللغة الإنجليزية ارتفاعا كبيرا حيث تضاعفت نسبة تفضيلها ، لتصل إلى 22بالمائة  في 2023.

الثنائية اللغوية خيار لغوي مفضل لدى المغاربة

الثنائية اللغوية ، كخيار لغوي مفضل لدى المغاربة انخفضت في عام 2023، بنسبة 50.8بالمائة ، بينما يفضل 49.2 بالمائة ، من المغاربة أن يتحدثوا نفس اللغة  ووفق تقريرالمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية ، فإن هذا التطور يغذي احتمال أن الأصلانية ، ذات البعد اللغوي تشكل تحديا للرابط الوطني ، على اعتبار أن المطالبة بالثنائية اللغوية بشكل عام تحملها حركات ، ذات صلات ثقافية وإقليمية أو أجنبية قوية.

 ارتفاع منسوب ثقة المغاربة في “المؤسسات السيادية” للمملكة

 وكشفت نتائج النسخة الثالثة من البحث الوطني حول “الرابط الاجتماعي، القطب المدني ” ، عن ارتفاع منسوب ثقة المغاربة في “المؤسسات السيادية ” للمملكة ، إلى جانب المؤسسات التعليمية موازاة مع استقرار ثقتهم في المجتمع المدني ، وتدنيها بخصوص المؤسسات التمثيلية .

وأبرزت نتائج هذا البحث ، أن ثقة المغاربة في “المؤسسات السيادية ” ارتفعت مقارنة مع سنتي 2011 و2016 ، محققة 6.7 من أصل 10 نقاط بينما بلغت نسبة الثقة في المؤسسات التعليمية 7.2 نقطة ، أما أدنى تقييم فقد آل لصالح الثقة في المجتمع المدني ، التي ظفرت بخمس نقاط فقط .

وحسب ذات المصدر، فإن درجة الثقة في المؤسسات السيادية والتعليمية ، هي الأعلى في حين أن الثقة المؤسساتية ، لا تزال تواجه صعوبة في ترسيخ ذاتها في فضاء الديمقراطية التمثيلية ، على الرغم من التحسن النسبي الذي تم تسجيله منذ سنة 2011، بالإضافة  إلى “ثقة المغاربة في بعضهم البعض ” حيث كشفت المعطيات المتوفرة ل ” رسالة الأمة ” أن 80 في المائة منهم يعتبرون ، أن الناس غير جديرين بالثقة بالمقابل ، فإن نسبة 20 في المائة منهم فقط ، ترى أنه يمكن الوثوق بمعظم الأشخاص مقابل 5 في المائة في سنة 2011 ، كما يعتبر المغاربة أن الفقر والظلم الاجتماعي والرشوة والانتهازية ، من بين العقبات الرئيسية التي تحول دون عيشهم بسلام مع الآخرين ، في حين أن عقبتي الفضاضة والتطرف الديني جاءتا في آخر ترتيب هذه العقبات  .

تراجع مخاوف المغاربة بشأن الأمن

 كشفت نسخة 2023 من “البحث الوطني الاجتماعي ـ القطب المدني ” ، تراجع مخاوف المغاربة ، بشأن الأمن بمعنى أنه لم يعد الشغل الشاغل لهم إذ انخفضت نسبة المواطنين ، الذين لا يشعرون بالأمن المطلق في حين أن نسبة 84.7 في المائة منهم ، عبروا عن إحساسهم بالأمن الجيد ،  ومن جهة أخرى فإن 71 في المائة من المغاربة يعتقدون أن الفضاء الافتراضي يشكل تهديدا للتماسك الاجتماعي في المغرب و85 في المائة منهم ، يرون أن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم ، في انتشار الأخبار الكاذبة والزائفة ، كما أكد 37 في المائة من المغاربة ثقتهم ، في الآفاق الاقتصادية للمملكة على الأمد المتوسط ” خمس سنوات ” ، في حين بقي 45 في المائة منهم محايدين بينما تنظر نسبة 18 في المائة من المغاربة ، بعين متشائمة إلى المستقبل الاقتصادي للمملكة .

المغاربة يعتبرون أن التعلق بالوحدة الترابية للمملكة هو أولى محددات الهوية المغربية..

 عبر 84 في المائة من المواطنين المغاربة ، من خلال اعتماد النتائج المتوصل إليها بالبحث ، عن خوفهم من أن تكون الأزمات العالمية الحالية ، مصدر قلق بالنسبة لهم مستقبلا ، في حين أن 16 في المائة منهم يرون خلاف ذلك في المستقبل ، مما يبرز ثقة استشرافية لديهم حول المغرب في السنوات المقبلة ، و بخصوص الشق الهوياتي فإن المغاربة ، يعتبرون أن التعلق بالوحدة الترابية للمملكة ، هو أولى محددات الهوية المغربية يليه الانتماء إلى الإسلام ، ثم معرفة تاريخ المغرب والحديث باللغتين العربية والأمازيغية ، فنسبة التأكيد على أهمية الحديث ب”الأمازيغية “، ارتفعت مقارنة مع السنوات الماضية،  محققة 6 نقاط من أصل10 ، كما أظهرت النتائج أن 50.8 في المائة من المغاربة ، فضلوا الحديث بلغات مختلفة في حين أن 49.2 منهم تمسكوا بخيار الحديث باللغة نفسها .

 

منظومة الهوية في المغرب تقوم على ثلاثة ركائز

حسب نفس البحث ، فإن منظومة الهوية في المغرب تقوم على ثلاثة ركائز ، ركيزة وطنية، تبنى على ثلاث روابط هوياتية الإسلام والمغربية والعروبة

وركيزة إقليمية ، تعبر عن التنوع العرقي والثقافي للمغرب ، بمكوناته الأمازيغية والصحراوية والحسانية ، وركيزة شمولية تعبر عن النزعة الكونية ” المغرب العربي وإفريقيا والعالم ، و هذه العلامات للهوية خارج الحدود الوطنية وفق نفس المصدر ، شهدت انتعاشا ملحوظا بين عامي 2011 و 2023.

وللإشارة فإن هذا البحث تم في إطار برنامج الدراسات حول “الرابط الاجتماعي في المغرب: أي دور للدولة ولمجموع الفاعلين الاجتماعيين؟”، حيث قام المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية ، بإنجاز النسخة الثالثة من البحث المسحي الوطني حول الرابط الاجتماعي ، انطلق في الربع الثاني من 2022، وتم إنجاز الدراسة الميدانية ما بين شهري دجنبر 2022 وفبراير 2023، وشاركت فيه عينة تمثيلية تضم 6000 شخص، تفوق أعمارهم 18 سنة، ويتوزعون على جميع مناطق المملكة .

 محمد سعد برادة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة..

 وعلى صعيد اخر ، قال وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة، أن وزراته تسعى إلى الموازنة بين تعليم اللغات ، سواء الوطنية أو الأجنبية وذلك من خلال مجموعة من التدابير التي تضمنتها خارطة طريق إصلاح منظومة التربية 2022-2026 ، التي تسعى بدورها إلى مضاعفة نسبة التلاميذ المتحكمين في التعلمات الأساسية ، في نهاية القسم الابتدائي وتقليص الهدر المدرسي بمقدار الثلث، وتكريس التفتح وقيم المواطنة .

وأكد  المسؤول الحكومي  بالبرلمان ، مستدلا بإحصاءات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، أن “ثلثي التلاميذ المغاربة لا يتقنون اللغة العربية ولا يفهمون اللغة الفرنسية، ولا يعرفون كيفية الحساب” ، مشيرا لكون معدل تعثر التلاميذ في هذه المواد ، يرتفع عند وصولهم إلى مستوى الإعدادي ما بعد مرحلة الابتدائي ، وأن 90 في المئة من التلاميذ لا يتقنون هذه المواد الثلاثة ، في نهاية مرحلة الإعدادي بالمدارس المغربية.

ووفق الوزير ، تراهن وزارة التربية الوطنية المغربية في هذا السياق على مشروع “مدارس الريادة” لتكون الطريق ، نحو إصلاح محوري لمنظومة التعليم بالبلاد وتنهج مقاربة وطريقة جديدة ، في تلقين مواد اللغة العربية والفرنسية ، والرياضيات بواسطة الشرح المباشر، واستخدام التقنيات الحديثة من خلال عروض تقدم عبر شاشة داخل الفصل الدراسي.

وأكد برادة ، بأن “تعميم مؤسسات الريادة بلغ هذا العام 2000 مؤسسة جديدة، ومليون و300 ألف طفل في أفق البلوغ إلى أزيد من ثلاثة ملايين طفل”.

 الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية

على سبيل الذكر ، ففي ختام المؤتمر الوطني السابع ، للغة العربية المنظم بالرباط أعلن الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية أن النهوض ، باللغة العربية مسؤولية مجتمعية مشتركة ، بين كل المؤسسات الرسمية والأهلية ، داعيا للتصدي لمختلف التحديات ، التي تواجه اللغة العربية “، من دعاة العامية وأنصار المد الفرنكفوني .

وشدد المصدر ذاته ، على التنسيق بين كل الفاعلين لترسيخ استعمال اللغة العربية ، في كل المؤسسات والمحافل وضرورة تعزيز أدوار المجتمع المدني خاصة الهيئات المدنية ، ذات الصلة بقطاع التربية والتكوين في الترافع عن اللغة العربية ومقاومة فرنسة التعليم ، داعيا لتعزيز التعاون الاستراتيجي والتخطيط المشترك بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الحكومي ومد جسور التواصل وتبادل الخبرات والتجارب ، بين الهيئات ومنظمات المجتمع المدني عبر العالم وتثمين دور المجتمع المدني ، في مواجهة اللهجات والعاميات السائدة ، وأهمية السيادة للغة العربية في العملية التعليمية ودعم المؤسسات المدنية المهتمة بالدفاع عن اللغة العربية ، علميا وماديا ومعنويا ، حتى يمكنها العمل المتصل والفعال ، في كل الخدمات التطوعية والعمل الوطني .

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد