حرب استباقية نموذجية على الإرهاب

حسن السوسي

هناك مقدمتان أساسيتان تفرضان نفسيهما على كل معالجة موضوعية لمسألة الإرهاب تشخيصا ومحاربة.

الأولى، ليس هناك أيّ مجال للشك في أن المعادلات التي تفرضها الحرب على الإرهاب، وخصوصا منها الحرب الاستباقية مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان الأساسية هي من ذلك النوع الدقيق الذي يشبه حد السيف أو المشي على صراط مستقيم.

غير أن توفر الإرادة السياسية في احترام حقوق الإنسان الأساسية يساعد على الابتعاد من ممارسة الشطط والتعسف الذي يمكن أن يرافق كل عمليات استباقية في مجال محاربة الإرهاب. إذ عادة ما يدفع الحرص الشديد على ضمان أمن المجتمع بأسره إلى عدم إيلاء أهمية كبيرة لتجاوزات قد تحدث خلال تلك العمليات على حساب المشتبه بهم في الانتماء إلى خلايا إرهابية نائمة أو نشطة. وهذا ما يمكن اعتباره في سياسات الدول نوعا من النتائج الجانبية للعمليات الجراحية الكبرى التي تقدم عليها في التعامل مع الإرهاب باعتباره الخطر الأكبر والأكثر فتكا بالمجتمعات والشعوب.

أما المقدمة الثانية، فهي الحرص على التوجه إلى الأسباب العميقة وراء هذه الظاهرة وانتشارها بسرعة في مختلف الأوساط الاجتماعية والسياسية التي يبدو أنها تجد فيها حاضنتها الأساسية، لأن الاكتفاء بمحاولة معالجة نتائجها وأساليب من يعتمدون الإرهاب دون غيره لتحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية والفكرية، على الرغم من أهميتها، ليست كافية، متى كان الهدف هو العمل على استئصال الإرهاب من جذوره، وتحصين المجتمعات الانسانية من مخاطره على مستوى استقرارها وأمنها الشخصي والاجتماعي وشروط الاجتماع البشري في مختلف المجالات.

وعلى أساس هاتين المقدمتين يمكن محاكمة مختلف المقاربات المعتمدة هنا وهناك في مجال محاربة الإرهاب في مختلف تجلياته.

وفي هذا السياق تمّ النظر من قبل عدد من الدول والمنظمات الدولية المهتمة بمحاربة الإرهاب إلى التجربة المغربية باعتبارها إحدى التجارب النموذجية الرائدة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والأفريقي، وليس ذلك بسبب بعدها الوقائي الفعال متجليا في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية قبل أن تتمكن من الدخول المباشر إلى ساحات فعلها الإجرامي فحسب وإنما يعود أيضا، وربما أساسا إلى اعتماد المغرب مقاربة متعددة الأبعاد والمستويات تتضافر في ما بينها لتشكل عناصر استراتيجية واحدة تهدف إلى التقدم على طريق محاربة الإرهاب بشكل شمولي بما يقلص من حظوظ تنظيماته وخلاياه في استغلال التراخي أو التغافل بخصوص بعد من تلك الأبعاد أو مستوى منها لاستعادة زمام المبادرة والالتفاف على الاستراتيجية المعتمدة في محاربته.

وفي سياق توضيح استراتيجية المغرب المتميزة في محاربة الإرهاب ذكرت وزارة الخارجية اعتماد المغرب استراتيجية تتضافر فيها إجراءات أمنية وتنسيق دولي وإصلاح للشأن الديني ومبادرات للتنمية البشرية بمختلف أشكالها. وبه%

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد