بقلم : ذ .حفيظ زرزان
الديمقراطية تلك الكلمة السحرية”المُخلصة”،والملخصة لبعض من مشاكلنا ،على رأسها معضلة الحكم .
ديمقراطية تحتاج متسعا غير هذا المقال، لكن لابد من التأكيد أنها آلية وحكمة إنسانية مرجوة ومطلوبة، باعتبارها بديلا عن الاستبداد ونقيضا له ، هذا الاستبداد العربي الذي يكبح عالمنا “السني” أن يحذو مثل إيران “الشيعية ” ، التي فاجئت الجميع بتوقيعها الاتفاق النووي الأخير إلى جانب الغرب، خطوة نحو تحقيق “أهداف” بكل حنكة دبلوماسية وسياسيةبعد طول قطيعة و”تعلم” ، تبني مكانا بين القوى الإقليمية والدولية ، في ظل غياب تام للعرب “السنة” ، إلا من دولارات وصفقات توزع ، ونفط يشتري رضا “الغير” ويستجديه من أجل صد تصدير “الثورة”.
إيران التي نختلف في تقييم تجربتها بما سمي “ولاية الفقيه” وعصمة “الإمام ، وفي اضطهادها للعلماء السنة وتبنيها للعنف ونشره ، وتكريسها للطائفية ، تاريخ لم تذمل بعد جراحه من زمن معاوية ويزيد ، بالمقابل حرب هوجاء بتمويل “سخي” من أنظمة العض التي لا تتوانى في إيقاد نار الفتنة بطبع الكتب وحفر الخنادق وتفريخ الفكر “المتشدد “ورموزه ومستنقعاته !
ولايمكن للعاقل المتزن أن يغض الطرف عن ماتفعله”هي”بلبنان،سوريا، اليمن والعراق إذكاءا وامتدادا للصراع !
إخوتنا الشيعة خطوا في تكريس تجربة “انتخابية” بكل إيجابياتها وسلبياتها وطووا الزمن بثورة هزت أركان الشاه حليف أمريكا زمانا ممارسة جعلت من أحمد نجاد الرئيس السابق يعود إلى جامعته مدرسا يذهب عبر الحافلة بشكل بسيط دون مركب نقص حتى وإن كان البعض يلمز بوجود حرس ورجل بسلطة أقوى وأعلى لا يتغير و بوجود تصفية للمعارضة ، وهذا ما يحتاج تفكيرا واعتدالا أكبر وأكثر إلى جانب قضايا أخرى يطول شرحها !!
كما أنه يجب أن نعترف أننا على عكسهم نحن “السنة” الذين نتميز عنهم بالشورى ووجود الرأي وحرية الاختيار زمانا ، دولايتنا”التي فرقها الاستعمار و “الاستحمار” وحكامنا العرب خذلونا اليوم وداسو هذا الحق بالأقدام وحكموا بالسيف وسجنوا كل تعددية وأرهبوا كل من يخالف .
وبين “مرشد أعلى” بإيران و حاكم أوحد عند دويلات العرب ، وجب أن نطرح السؤال : ماهومشروع الحوار العربي “السني ” الشيعي الهادئ الهادف الذي يمكن أن نقابل به واقعا لا يقبل الفراغ ننجمع فيه كذات قوية ؟
وأي ديمقراطية صنعناها نحن الإثنين سنة وشيعة ؟
وأي دولة مصنعة تكنولوجية رائدة قدمها السنة نموذجا لتحاور حليفها “النووي” الجديد ؟
هناك من العرب من يفضل مجالسة إسرائيل على إيران بوصف الشيعة أخطر من اليهود ، نعوذ بالله من هذا الرأي ، كما يقع بفلسطين الجرح الغائر حين تفضل فتح محاورة الصهاينة على أن تتفق وتتفاهم مع الفصائل ومن أبرزهم حماس لمستقبل زاهر وفك الحصار عن الوطن !
العيب مشترك بين سنة وشيعة ، ومحاولة تمضية الوقت في سرد الملفات والمطبات وتبادل الاتهامات، فيه الكثير من تضييع الوقت في عالم سريع يتمخض ويتطور ، وقضية لم الشمل ضرورة سيتوصل لها الجميع اليوم أو غدا ، وقت قد يطول أو يقصر حسب النضج ووجود الإرادة الصادقة الحارقة لكل المراحل!
الحوار “الاستراتيجي” مسألة تحتاج نقاشا وتعدد آراء وتربية على الاختلاف حتى داخل الفريقين معا واستفادة من التاريخ بكل انتكاساته وانكساراته، وتعوزه معالجة تربوية وفكرية واجتهاد كبير للمستقبل بما ذلك الجانب الفقهي وقضية المذاهب، تنازلات من الجانبين من أجل غد الإسلام ، فكلا الفريقين بحاجةلمراجعة ذاتية وبناء نظرة متكاملة مستشرفةووضوح “مشروع” مجتمعي ، ووعيا بهذا “الغد” .
ولكي نطمح أن تلتقي الجسور في غد التغيير والبناء ، في أفق أمة متواصلة قوية بشكل من الأشكال العصرية ، في عالم لا يعترف إلا بمنطق القوة، لابد من إيجاد المشترك لتقويته والتغاضي عن الخلاف المستعصي وعن جذور الماضي الأليم بكل إخفاقاته ، الذي إن صفت النيات وتجردت وتجالست ، لاشك ستجد له تفاهما وتجاوزا و تأخذ عنه الدروس !
أن تنحل معضلة الديمقراطية العربية لتنحبس معاطن “التكفير” البترودولاري، وأن تكف إيران عن “التصدير” ومهاجمة السنة وقتلهم وإبادتهم ، وتفكر باعتدال كما اهتدت إلى ذلك مع “الشيطان الأكبر” بعد سنوات من الحصار والضغوط والحظر الدوليين ، ونقاط أخرى تختلف وتنقص وتزداد حسب التفاصيل .
الحرقة على الأمة بما هي سنة وشيعة ، ومحبة الأوطان والصدق في طلب العلاج يحتاج الكثير ، وإلا فنحن همل يقتات على فتات الدول دونما خجل ، وشتات يقتل بعضه بعضا !
في كتاب العدل ، يقول الإمام عبد السلام يس رحمه الله الذي دعا للحوار مع الجميع ، وحدد بعض مقتضياته في كتاباته :
“شبح الدُّوَل العاضة المنحرفة في تاريخنا يحول دون التفاهم والحوار المثمر يانعِ الثمار بيننا وبين إخواننا الشيعة….بمبادئ التعامل الدولي في الإسلام ولا في غيره، علما منه أن الساسة الجاهليين لا يتصـرفون إلا على ضوء مصلحتهم في حدود ما تتيحه موازين القوى والأمر الواقع. … اضطُرَّ المجاهدون الأفغان أن يتلقَّوْا المساعدات والسلاح من الولايات المتحدة ومن سلاطين النفط. وليس في عملهم مِساس «بشرف الإسلام الدولي» خلافا لمن جلس على فراشه ينتقد.“