… البارحةُ، عَادَنِي دَيْدَنِـي، يَا نَسْمَةُ…
تَرَكْتِينِي زَمَناً، جَسَداً يَلْتَهِبُ، والحَيْرَةُ فِي رَأْسـي…
لَمْ تُوَدعِينِي ذَاكَ الصبَـاح… لَمْ تُقَبلِينِـي، وَلَمْ تُوقِظِينِـي… هَدْهَدْتِ رَأْسِـي وَ شَعْرِي وَ نَهْرَ العِشْقِ الثائِرِ تَحْتَ جِلْدِي، وَ رَفْرَفْتِ فَوْقَ دُرُوبِ الدنْيَـا، كَالحَيَـاةِ وَ العُنْفُوانِ وَ كَعُصْفُورَةٍ مِنَ رِيشِ أَشْعَارِ الحُرية …
… أَعْرِفُ مَتَى تَرْجِعِينَ… أَعْرِفُ أنكِ أَقْرَبَ مِني إلَى نَفْسِـي… أَنكِ فِي دَمِـي وَ طَرِيقِـي، وَ فِي أَحْلَامِـنَـا المُقْبِلَة… أَعْرِفُ وَلَا أَعْرِفُ… لَكِننِي انْتَظَرْتُكِ قَبْلَ الأوَانِ… وَ الآنَ أَنْتَظِرُكِ، قَبْلَ الأَوَانِ، عَلَى أَحَر مِنْ جَمْرِ كُل حُرُوبِ شَرْقِ الدنْيَـا…
… مَا هَذَا الوَجَعُ…؟ تَصْرُخُ رَفِيفُ… الذِي يَجْتَاحُ شَرْقَ الأَرْضِ، وَ يُوَزعُ دَمـاً وَ جُثَثـاً وَ مَنَافِِ عَلَى بِلادَ الأنْبِياءِ وَ الشعَرَاءِ وَ البُسَطَاءِ وَ الأُغْنِياتِ والمُعْجِزَاتِ وَ اليَاسَمِيـن…؟ مَا هَذَا الوَجَعُ…؟
… ألَا زِلْتِ نَسْمَةُ، تَحْسِبِينَ نُجُومَ السمَاءِ فَوْقَ الفُرَاتِ وَ حَيْفَـا وَ حَلَبَ وكُل الشامِ…فَجْرَنَـا المُجَلْجِلِ..؟
… ألَمْ تَقُولِي؛ مِنَ الوَجَعِ… مِنَ الشرْقِ الأَوْجَعِ، يَطْلُعُ الوَلِيـــد…؟
————————————————-
… صَدقْتُكِ، صَدقْنَـاك… يَا نَسْمَتِـي، يَا نَسْمَتُنَــا البَهِيـــة…
… فَاظْهَـرِي قَبْلَ الأَوَانِ… وَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ…
… نَحْنُ، هُنَـا وَ الآن، كَالجَسَدِ السكْرَانِ مِنَ البَحْرِ لِلْبَحْرِ… مَرنَتْهُ الأَوْجَـاعُ عَلَى انْتِظَـارِ الـوَلِيـــــد… عَلَى الانْتِشَارِ فِي أَرْضِ الله، سُلَالَةً تَقْطَعُ المَسَافَاتِ، تَحْمِلُ لِلْغَرْبِ الذئِيبِ إنْجِيلَ وَ عِبْرِيَةَ وَ قُرْآنَ مَكْرِهِ… مِرْآتَهُ الفَاضِحَةِ مِنَ عَوَاصِمِ الشرْقِ الأَبِي، وَ دَلِيلَ خُسُوفِ غَرْبِ الأَنْوَارِ… ؟؟؟
————————————————
… وَ هَا قَدْ جِئْنَـا مِنَ قَلْبِ الوَجَعِ المُعَتقِ وَ المُعَاصِرِ… لَا غُزَاةً وَ لَا عُرَاةً… وَ لَا مُخَيرِينَ أوْ خَائِفِين… جِئْنَـا نُدَاوِي العُقْمَ المُنَظمِ فِي نَسْلِ الغَرْبِ… نَضُخهُ فْيَاغْرَا وَبَهَرَاتِ الشرْقِ الأَصِيلَـةِ…
… جِئْنَـا، وَهَذَا لِلتارِيخِ وَ الجَغْرَافْيَـا وَ الذاكِرَةِ، نُعِيدُ بِنَاءَ الغَرْبِ البَارِدِ… نُذَكرُ، بَلْ نُحَذرُ،
مِنَ الهُولُوكُسْتْ العَرَبِي…؟
———————————————
… فَإلَى اللقَـــاء… يَا نَسْمَتُنَـــا الأَكِيــــــــــــــــــــدَةُ….
– ذ. محمد الفرسيوي