على هامش اليوم العالمي للغة العربية : لمن نكتب ؟؟

 بقلم : بوشعيب حمراوي

 بقلم : بوشعيب حمراوي

يمضي اليوم العالمي للغة العربي الذي يصادف 18 دجنبر من كل سنة، كسابقيه بنفس البرودة الثقافية والعقم اللغوي والإجهاض الأخلاقي والقيمي. لامن يسعى إلى طرح وتشريح أزمات الأدب والسلوك والتاريخ العربي المعاصر، وما تعيشه لغتنا الأم (العربية) من طعون غادرة. وما تتعرض له ثقافتنا العربية والإسلامية من تحريف وإذلال. وضرورة التنبيه إلى خطورة الانسلاخ اللغوي. والانخراط السلبي في مخطط  ترسيخ ثقافة رقمية تافهة ومدمرة للهوية والتاريخ العربي والإسلامي. عوالم رقمية لا نتملك مفاتحها، ونقضي معظم أوقاتنا في التصفح داخلها، وتخزين أرشيفنا والكشف عن حيواتنا الشخصية. والانجرار وراء ما تفرزه تلك العوالم نمن تفاهة وفساد تربوي وثقافي.

جريمة التخلي عن اللغة العربية

إن أكبر جريمة ترتكب في حق مستقبل العرب دولا وشعوبا هي جريمة التخلي عن اللغة العربية كلغة للعلم واللجوء إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية. لأن بإبعاد اللغة العربية من المجالات العلمية، سيتم التخلي عن الهوية العربية والإسلامية، ومحو البصمة المميزة لشعوبنا وطي تاريخنا العريق. علما أنه تم إبعاد اللغة العربية من واقع الشعوب المعاش. بعدما أصبحنا نتواصل ونكتب ونبدع ونؤرخ بلغة عربية بعيدة عن لغة القرآن. وبعدما جردنا اللغة العربية من إشارات التدقيق اللغوي وتلويناتها وحركاتها. واخترنا استعمال لهجات بكلمات وتفاهات مزجت اللغة العربية بكلمات مقتبسة من لغات استعمارية.

لن أتحدث هنا عن تاريخ العرب والأمازيغ، ولا عن التاريخ الإسلامي وحمولته الفكرية والعلمية والروحية والعقائدية. ولا عن التطور والنماء العربي المبني أساسا على ركام العقول العربية والأمازيغية والإسلامية. لكنني سأكتفي بالتذكير أن التطور العلمي لا يفرض بالضرورة استعارة لغة تواصل أجنبية، وأن هناك دولا تعاني قصورا لغويا، لكنها لم تلجأ إلى استعارة لغات أخرى. بل واظبت واجتهدت من أجل تطوير لغاتها الأصلية.  وبنت بقصورها اللغوي آليات للتنمية، مكنتها من بناء قصورا وأمجادا. والنماذج هناك  في اليابان والصين والهند وتركيا والكوريتين الشمالية والجنوبية وألخ. سأكتفي بتذكيرهم بأن العيب ليس في اللغة العربية وأن العيب فينا نحن. لأن من يريدون (التخلي عن اللغة العربية)، لا يهمهم مصالحنا بقدر ما يهمهم تنفيذ الأوامر والتعليمات، التي تهدف إلى إبقاء دولنا وأنظمتنا تحت رحمة الاستعمار الفكري. سأكتفي بالتأكيد لكم أن المغرب مثلا لم يعرف يوما عملية تعريب للمواد العلمية التعليمية. وأن ما تم تطبيقه من (تعريب وتعميم ومغربة) بالتعليم المدرسي، هو فقط محاولات لتمييع التعليم، وإتلاف جذوره وبنيانه وأهدافه. كانت زراعة ببدور فاسدة، من أجل الحصول على أجيال مستهلكة فقط… كان الهدف من هذا المخطط هو إقناع المغاربة بأن اللغة العربية غير جديرة بتعليم المغاربة العلوم والتقنيات.. وهذا ما وقع فعلا.. حيث أصبح العديد من المغاربة من عموم الشعب، ينادون بتدريس أطفالهم باللغة الفرنسية. ليدركوا ما أدركه أبناء وبنات الأثرياء والنافذين من فرص للعمل والشغل والاستثمار..

سأكتفي بالكشف لكم عن بعض الحجج والقرائن، التي تؤكد أن (عملية التعريب كانت فاسدة).

أولها : عند تعريب المواد العلمية في عهد (صاحب المبادرة)، وزير التعليم حينها عز الدين العراقي. عمد المشرفون على عملية تعريب الكتب والمناهج. إلى إلغاء المناهج الفرنسية التي كانت عصارة علماء وباحثين تربويين ومتخصصين. وعرضوا مقررات لكتب مدرسية، تفتقد لكل المقومات الديداكتيكية، كما تفتقد للترابط المنطقي والتسلسل المعرفي..

بل الأفظع من هذا أنهم استغنوا عما يعرف ب(المفاهيم العامة)، في التعريف ببعض المواضيع والنتائج والخصائص العلمية، واكتفوا بعرض مجموعة من الأمثلة فقط لكل مفهوم علمي. مما أبقى على ضبابية المفاهيم العلمية. وأدى إلى اكتساب التلاميذ معارف علمية مشتتة وغامضة. ورسخ في أذهانهم فراغات وثقوب علمية.. تجعل المدرس (الأستاذ) غير قادر على تشخيص وضعية التلميذ ومستوى ذكائه، رغم تعريضه لعدة اختبارات علمية. بل قد تجد تلميذا يفك لغزا أو تمرينا قد يصعب على من هم أعلاه في المستوى الدراسي. لكن بالمقابل تجده يقوم بأخطاء قد تصنفه ضمن خانة البلداء.

ثانيها : قامت وزارة التعليم بإحداث أو صنع مئات المفردات، من أجل ترجمة المفردات الفرنسية واللاتينية العلمية… مفردات قد تجد لها معان أخرى في اللغة العربية المتداولة.

مفردات يرغم التلميذ على حفظها وفهم معانيها والتواصل بواسطتها في كل المواد العلمية بالتعليم الابتدائي والثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي.. لكن التلميذ مطالب بالاستغناء عنها بمجرد ما ينال شهادة البكالوريا شهر يونيو أو يوليوز.. وأن يبدأ رحلة البحث عن ترجمتها باللغة الفرنسية، من أجل متابعة التعليم العالي بالكليات والمدارس والمعاهد العلمية المفرنسة. رحلة البحث مدتها حوالي شهرين فقط. حيث ناذرا ما يوفق الطلبة في استيعابها، وهو ما يسبب فشلهم الدراسي بالتعليم العالي.

ما يؤسف له، أن تجد أن بلدان عربية، تقوم بتعريب موادها العلمية في التدريس. بدون أدنى تنسيق أو تدارس جماعي. والنتيجة أن هناك رياضيات عربية مغربية، وهناك رياضيات عربية مصرية، وهناك رياضيات عربية سورية.. ومثلها في باقي المواد التعليمية العلمية والتقنية. وكان بالإمكان التأسيس لمعهد عربي جهوي دائم للترجمة. ما يؤسف له أن تقرأ كلمة في مادة علمية بمعنى محدد، وأن تجد لتلك الكلمة معنى آخر. كالحديث عن اللاعب رقم 16 أو 11.. أمام تلميذ درس في الرياضيات، أن الأرقام هي من 0 إلى 9 فقط، وأن ما فوق الرقم تسعة، هي أعداد مكون من أرقام. ما يؤسف له أن الآلية العلمية والركيزة الأساسية لتعليم العلوم والتقنيات، هي درس المنطق. الذي يعرف التلميذ بالروابط المنطقية، وأنواع البرهان. وغيرها من آليات التعامل مع الأوضاع والتمارين والمسائل العلمية. إلا أن درس المنطق لا يدرسه التلميذ إلا بالمستوى الأولى ثانوي. بمعنى أن التلميذ قبل مستوى الأولى ثانوي كان يتلقى تعليما علميا عشوائيا بلا منطق.  ما يؤسف له أن مادة الفلسفة التي اعتبرها العلماء والعباقرة عبر التاريخ، هي أم العلوم. لم تلحق في عهدنا مقام خادم أو (خماس) العلوم. الفلسفة الآن ليس سوى مجموعة دروس تميل أكثر إلى كل ما هو أدبي تبليدي أو تلقيني.. حيث يجبر التلاميذ على سياسة الشحن والتفريغ. بعيدا عن أية وسائل تمكنهم من الإبداع والاجتهاد. أم العلوم لا من يهتم بها سواء  في صفوف (التلاميذ ذوي الميولات العلمية والتقنية)، أو (التلاميذ المحسوبين على شعب الآداب والعلوم الإنسانية)…

كثيرة هي الأسباب التي تؤكد بالملموس أن المغرب ومعه مجموعة من الدول، لم تعرف تعريبا للتعليم. وهو ما يفرض علينا أن نرفض التخلي عن اللغة العربية من أجل اللغة الفرنسية مثلا التي هي بالأساس لم تعد لغة علم ولا أدب، ولا حتى لغة الأنس. لم تعد لها مكانة في العالم المعاصر. بل إنها لغة تسعى إلى الانتعاش والاسترخاء والتوسع على حساب اللغة العربية، التي يدرك الكل أنها أقوى لغة في العالم، لكن للأسف بقدر قوتها، بقدر ضعف وجبن من خلقت لأجلهم.  ولا حتى اللغة الإنجليزية التي لا تعترف بالجنسية ولكنها تصنف البشر وفق الهوية.  تلكم رسالتي التي توضح بجلاء أنني  براء من جريمة التخلي عن اللغة العربية.

 

لسان المثقف العربي يردد.. لمن نكتب ؟

عادة ما يطرح الكتاب والأدباء والصحافيون والمدونون العرب وغيرهم من المهووسين بالكتابة، سؤال (لمن نكتب ؟)، ليس بهدف جرد وإحصاء قراءهم، ولا من أجل تصنيفهم. لأنهم يدركون مسبقا لمن يوجهون كلماتهم..  ولكنه يضل سؤال استنكاري على شاكلة سؤال العامية المغربية (لمن تعاود زبورك آداود ؟)، الموجه عادة لفئات المغفلين أو الذين يتعمدون عدم الإنصات. عادة ما يخيم الإحباط واليأس على بائعي الجمل والعبارات، والمتصدقين بها، عندما يتبين لهم أنهم كل ما قضوا الساعات من أجل نسجه، من مقالات وقصص وشعر وزجل وآراء وأبحاث ونصائح وعلوم..، ضلت حبيسة الكتب والمجلدات والجرائد والويب.  ناذرا ما تلقى اهتمام عقول العرب وانشغالاتهم..

وقد ينتبه إليها البعض بعد وفاة مؤلفيها. باعتبار أن معظم العرب يفضلون أن يقرأوا لموتاهم. وهو ما يفوت على القراء فرص التحاور ومناقشة محتويات تلك المؤلفات بحضور أصحابها. كما قد يصادف أن تبادر بعض الجهات إلى ترجمتها إلى لغات أخرى حية بشعوبها وناطقيها. وتستفيد من مضامينها.

وإذا كانت الكتابات تؤثث للصالح والطالح، وتنشر الخير والشر.. وإذا كان المستوى الثقافي والتعليمي والأخلاقي لواضع تلك الكتابات يختلف بين العالي والداني والدخيل والمبدع و المقرصن والمدنس… فإن تلك العشوائية في النشر وغياب المراقبة والتصنيف والتصفيف والغربلة، تتسبب في تمييع الثقافة العربية، وفي انتشار وباء الإحباط، كما تزيد من نفور القراء والتقليص من عددهم. وتتسبب في انحراف حاسة القراءة وتلوث الذوق الفكري، لدى العديد من المغاربة بمختلف أعمارهم. بعد إصابتهم بسوء التغذية الفكرية، وبعد إدمانهم الخطير على قراءة التفاهات والفضائح والسخافة.. والاهتمام الكبير بالعناوين المثيرة.. والاستمتاع بسرد أخبار صحيحة أو باطلة تضرب في عمق الحيوات الشخصية للأفراد والجماعات.. بل إن هناك من بات يكتفي بقراءة العناوين، ونسج مقالات وقصص وأحداث من خياله، يتلذذ بسردها وسط الأصدقاء والزملاء.

لم نعد نسمع عن إعجاب أو وفاء قارئ لمؤلف أو كاتب رأي أو صحفي.. ولا عن وفاء لمنبر ما.. هناك كتب ومجلات وجرائد وطنية، يميل لاقتناءها بعض المغاربة، ليس رغبة في الاستفادة من مضامينها الثقافية والعلمية والمعرفية والمعلوماتية.  ولكنها تدخل في إطار  البروتوكول والمظهر المدني للقارئ ووضعه الاجتماعي أو انتماءه السياسي أو النقابي أو الحقوقي أو.. وهناك أخرى يعرج إليها هواة الفضائح ومدمني الإثارة.. فيما  تبقى البقية الباقية،إما حبيسة رفوف المكتبات والأكشاك، يتصفحها الذباب والحشرات والجردان، ويقضي حاجته البيولوجية فوقها، وناذرا ما يلمسها بشري.. أو تترك عرضة للشمس، لتتحول إلى كتب وجرائد صفراء اللون، علما أن مضامينها قد تكون جادة ومفيدة، ولا تمت للصفرة بصلة.. فيما يضطر بعض الكتاب والمؤلفين إلى سلك طرق (حفلات التوقيع) من أجل تسويق مؤلفاتهم..

عندما تنشر مقالة بجريدة ما، عن قضية أو حدث ما، فالمراد منها شيئان لا ثالثا لهما.. أن يتم توسيع نطاق العارفين بالحدث والقضية ليصبح حدث أو قضية رأي عام.. وأن يصل الخبر إلى الجهات المسؤولة، للتدخل من أجل التسوية والإنصاف.. وعندما لا يتم التدخل من أجل الإنصاف أو حتى معاتبة الصحفي إن كانت مضامين المقال غير صحيحة… فهذا يعيدنا إلى سؤال (لمن نكتب؟). كما أن الحكومات العربية التي تسعى إلى تقنين العمل الصحفي، وتنقيته وتطهيره.. . تتغاضى عن عشوائية أكبر المواقع الإكترونية  (الفايسبوك، التويتر، اليوتوب، انستغرام،غوغل.. وغيرها من منصات التواصل الرقمي)،التي تعيث فسادا بعقوق شعوبها، في ظل عدم تقنين طرق الاستفادة منها. وجعلها آليات للتنمية، بدل من استعمالها في ضرب كل تاريخ و تراث العرب، وتمييع وتلويث حيواتهم الخاصة والعامة.

عندما نرى أن معظم العرب أصبحوا مدمني منصات التواصل الرقمي.  التي تمكنت من تشغيل في مهمة مراسلين صحافيين، بدون بطائق مهنية ولا حتى هويات حقيقية..علما أن (الفايس والتويتر) وغيره من مواقع التواصل الرقمي هي الأذرع الحقيقية للجرائد الرقمية  المرخصة من طرف الدول العربية، و أنها هي التي تقوم بتسويق مقالاتها وشرائطها وكل منشوراتها..

فلا نستغرب إذن إذا علمنا أن محاضر الأمن الوطني والدرك الملكي وقضاة المحاكم وممثلي النيابة العامة، تقرأ أكثر من بعض الكتب والمجلات والجرائد، وأن هناك صفحات على الموقع الاجتماعي (الفايسبوك) مثلا، بات لها صدى وتأثيرا أكثر من عدة منابر إعلامية ومؤسسات تعليمية.. بل إن كتب ومقررات المدارس، التي تثقل كواهل التلاميذ وجيوب الآباء، لا يتفحصها التلاميذ إلا بأمر مسبق من الأساتذة.. وأن معظم الأمهات والآباء يقرؤون مرغمين تلك الكتب ليلا، من أجل الإجابة على ما بها من أسئلة مفروضة على أبناءهم من طرف الأساتذة.

هذا عن المنشورات الصحفية والكتب المدرسية، أما الحديث عن باقي المؤلفات والأبحاث الثقافية والفنية والدينية والتعليمية. فهو حديث يزيد من إحباط المبدعين والمؤلفين. ويؤكد أن أزمة قراءة الكتب العربية، ليست وليدة ظروف أو قصور غير مقصود. وإنما هي نتاج مخطط يهدف إلى ضرب اللغة العربية، والغاية منه ضرب العقول العربية، وضرب الدين الإسلامي، ودستوره القرآن الكريم، الذي أنزله الله باللغة العربية الفصيحة.

والأكيد أن مخطط ضرب اللغة العربية، ماض في رسم وتنفيذ أهدافه. بدليل أن اللغة العربية المتداولة بين العرب، والتي تتضمنها كتب العصر الحديث، لا علاقة لها باللغة العربية الفصيحة التي تؤثث القرآن الكريم. وأن معظم العرب، يصعب عليهم فهم مضامين ومحتويات آيات قرآنية.

بل إن الدليل بات واضحا ومكشوفا، بعد أن خرجت الأسر العربية، لتتهم اللغة العربية بالقصور، وتنادي بتدريس أبناءها باللغات الفرنسية والانجليزية وغيرها من اللغات التي باتت في نظرهم مصدرا للعيش والرفاهية. علما أن اللغة العربية كاملة وشاملة وأن القصور يلازم عقولهم ومخيلاتهم.

فإن كانت هناك لغة عربية واحدة، فلماذا لا يتم توحيد المفاهيم والكلمات العلمية والتقنية بالتعليم المدرسي والجامعي؟ ولماذا لا يتم وضع قاموس عربي واحد للغة العربية، ومجلس عربي مهمته توحيد كل ما جد في عالم العلوم من كلمات.

 

من يؤرخ لأحداث الزمن المعاصر ؟

      كثيرا ما أقضي الساعات الطوال ليلا ونهارا أتساءل عن مستقبل هذا العالم الذي باتت أنفاسه تنفث الدخان والجمر. وعن مصير الطبيعة والحياة، في ضل تواجد وتوالد هذا الكائن البشري المصاب بجنون العظمة وسعار الانتقام، وهوس الريادة الواهية .. كثيرا ما أجدني اصطف إلى جانب من يعتقدون بقرب نهاية العالم… بل إنني أتمنى تلك النهاية، وأقبل بأدلة وحجج وقرائن المنجمين والمتدينين والمتطفلين، التي يستدلون بها للتأكيد على قرب الزوال… طمعا في وقف مسلسل الحروب والاستنزاف المجاني للدماء البشرية..

ما يبدو  واضحا بجلاء أن لا أحد بات يفكر في مصير الأجيال القادمة. وأن الإنسان قد ضغط على زر التدمير الذاتي. وجلس يعد الدقائق والساعات في انتظار الرحيل الأكبر.. أجدني حائر في نوعية هذا البشري الذي يستبيح ذبح بني فصيلته. ويقضي السنوات في البحث عن الطرق والأساليب والآليات الكفيلة بتوسيع المجازر البشرية. عوض الدفع في تجاه التسامح والتصالح والتآخي.. وسط هؤلاء أبحث عن هوية فئة المؤرخات والمؤرخين النزهاء والشرفاء المرتقبين، الذين بإمكانهم كتابة تاريخ العالم المعاصر بكل صدق وأمانة. وصيانته من التحريف والتلفيف والتضليل. وتخطي الدمار الشامل الجاري بعدة مناطق بالعالم، وحمايته من الكساد الأخلاقي.  والصمود أمام ملايين الكتاب والمدونين والأجهزة والهيئات السرية والعلنية التي تسوق بعشوائية وخبث للأحداث والوقائع في العالمين الافتراضي والواقعي. وتدعي المعرفة الكاملة والقناعة التامة بكل تفاصيلها وأسبابها وتداعياتها.

أتساءل هل لهم القدرة للوصول إلى حقائق الأمور في ضل تلوينات الكذب وتجلياته وتضاعف عدد محترفيه. بعالم بات يسكنه آدميون مخلصون للإجرام ومتواعدون على التنكيل بالبشرية والحياة.

أتساءل كيف يمكن لمؤرخ أن يستقي الخبر الصحيح والإحاطة بكل تفاصيله. وسط عالم بات قادر على أن يقر و يثبت بأن الخبر صحيح وزائف في آن واحد. وأنه لا ثقة في الأدلة والقرائن والمصادر الرسمية . وكيف يمكنه إقناع الأجيال القادمة بصدق وصحة رواياته، وسط آلاف الروايات التي يتم تسويقها في كتب ومجلدات ومواقع الكترونية واجتماعية، من طرف من برعوا في الإقناع والإغواء. بعالم لا يتردد في منح جوائز السلام لمجرمي الحروب والتوثيق لمنجزات ومبادرات خيالية نسجت بخيوط الوهم والتضليل.

لم نكن يوما مقتنعين بما جادت به كتب التاريخ والجغرافية والفلسفة والأدب والسياسة والدين .. ولم نكن أبدا على وفاق مع كل مضامين تركة هؤلاء المؤلفين والمؤرخين والفقهاء. رغم ما رسخ في عقولنا بالمدارس والثانويات والجامعات.  لسبب بسيط ، يكمن في أن معظم هؤلاء لم يكونوا يوما من عامة الشعوب، ولا ممن عايشوا أبنائها وأنصتوا لنبضات قلوبهم.. فقد كانوا يكتبون بالمقابل المادي والمعنوي، وفق التعليمات والمصالح التي تخدم الحكام والزعماء والقادة ورواد التطرف والاختلاف العرقي والعقائدي.. وكانوا لا يجدون حرجا في حذف المعلومات الصحيحة أو تغييرها بأخرى مغلوطة، أو حتى إحراق كتبهم إرضاء لأولياء نعمهم.  لكن الشعوب كانت تكذب الكثير مما دونته أقلامهم. وضلت لعدة عقود ولازالت، تختزن الأسرار والحقائق، داخل العقول والقلوب والمنازل والمسالك والشعاب.. وعلى أجزاء مختلفة من أجساد أبنائها. والكثير من تلك الأسرار والحقائق التي لازالت تتناقلها الأجيال، تؤكد زيف بعض المؤرخين وادعاءاتهم الباطلة.. وظلمهم لتاريخ الشعوب وأمجاد رموزه الحقيقيين.

نحن إذن أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما. إما القبول بخيار الاحتضار القائم، وانتظار نهاية العالم الوشيكة. التي ليست في حاجة للتنجيم أو الفقه أو الدجل من أجل تبيانها. أو خيار الإسراع بترسيخ روح الإنسانية بجسد كل بشري حاقد، أو منتقم، وجعله يرفع إصبعه عن زر التدمير الذاتي للحياة. وفتح المجال للمؤرخات والمؤرخين من عامة الشعوب لكتابة التاريخ المعاصر وتصحيح ما أمكن من تفاهات الماضي المسيئة للآباء والأجداد، والمحبطة للأبناء والأحفاد.

فالشعوب لن ترتقي في ضل تواجد تاريخ مغلوط لا ينصفها. والأجيال لن تنهض في ضل غياب القدوة الصحيح والقائد الصريح. ونزاهة الأنظمة ونهضة الشعوب تقاس بمدى مصداقية تاريخها.

 

 

 

الثقافة والتربية .. سجينة حقائب وزارية

 

بات من الواجب الانتباه إلى تلك الكائنات البشرية التي باتت تدعي المعرفة والفقه في كل  شيء. تزاحم الشرفاء والكفاءات والكوادر. تفرض أفكارها وآراءها في تدبير شؤون كل المجالات. حتى لو كانت تافهة و تعارض القوانين المنظمة ودستور البلاد. فسدت وأفسدت التربية والثقافة والحياة العامة بكل تجلياتها. لا من يجتهد من أجل الوصول إلى حلول وبدائل، ولا من يقدم النصائح اللازمة، من أجل بناء (الوطن) الذي نريد. لن يكون المغربي (مواطنا صالحا)، بوطنية وغير أكيدة على سمعة وشرف البلد الذي يحتضنه. إلا إن تجسدت له تلك الروح في من يحكمونه، في سكونه و ترحاله. الوطنية لا تقف عند قيام المواطن بالواجبات التي يفرضها الدستور أو المهنة أو الوسط. لكنها تتجاوزه كل هذا، إلى التضحية والقيام بالأعمال التطوعية والمبادرات الهادفة. لتحقيق المبتغى لابد أن يكون للمواطن قائد وقدوة في قمة هرم المسؤولية. والقدوة تقتضي الكفاءة والأخلاق وحب خدمة الناس. كم من قائد منزل بمظلات السياسة والنقابة والولاءات. يفتقد لكل مقومات القيادة والقدوة. لن يرقى أبدا إلى مستوى الريادة. وكم من رائد حكم عليه بالتهميش والانزواء والاندثار التدريجي.

لماذا نحصر مصطلح (التربية) داخل حقيبة وزارة، علما أنه يخص الإناث والذكور بمختلف فئاتهم العمرية والمجتمعية. داخل المنازل والمدارس والدور القرآنية. وغيرها من المرافق التعليمية؟. ولماذا سميت وزارة التعليم الابتدائي والثانوي، بوزارة التربية الوطنية. عوض أن تخلص لأهدافها الرئيسية في التعليم والتكوين. وتكتفي باسم وزارة التعليم فقط أو التعليم والتكوين. وأن تعي بأن التربية الوطنية هي جزء من التعليم. المفروض أن يترسخ في كل مغربي أينما حل وارتحل. وأن برامج التربية الوطنية لا يجب أن تكون حكرا على التلميذ والطالب. بل يجب أن تتعداهما، لتصل إلى العامل والموظف والتاجر وكل فئات المجتمع. وأن تكون برامج جادة ودائمة التجديد والعصرنة؟.

لماذا نحصر مصطلح (الثقافة) داخل حقيبة وزارية. داخل دور ومراكز الثقافة التابعة لوزارة هي الأخرى تحتكر اسم (الثقافة) ؟. علما أن مفهوم الثقافة، يشمل  حركات وسكون كل الناس في حيواتهم الخاصة والعامة. وأن مستوى المثقف يقاس بالرصيد المعرفي والإدراكي والتفاعلي، للأمور والقضايا والمشاغل الإنسانية التي تتعدى وتفوق وتتجاوز حقيبة وزارة الثقافة. والتي قد لا تكون لها علاقة بالرصيد التعليمي والعلمي و اللغوي.

لن نحصل على مسار تنمية صحيح ومجد دائم، ما دمنا نسجن التربية الوطنية والثقافة داخل حقائب وزارية. ونضع مفاتيح تلك الحقائب في أيادي من يحترفون السياسة والمهووسون بالتموقع والقيادة. الذين يمزجون كل برامجهم ومخططاتهم ورؤاهم بأهدافهم السياسية. ونواياهم الحزبية.  ويسطرون برامج تظهر الثقافة، كواجهة أو (فيترينا) لأهداف ومقاصد تخدم نواياهم وأهدافهم الخاصة.

لن نحقق نموذجا تنمويا بديلا، ونحن نحصر (قيم المواطنة) في الخضوع والخنوع والامتثال للنخب. ونحصر الوطن في البلد، ونقيس درجة المواطنة بمستوى الولاءات للمسؤولين. لن نتقدم شبرا واحدا عن رفقائنا داخل عدة دول، العالقين منذ سنوات في وحل (الانتقال الديمقراطي)، والمصنفين منذ عقود ضمن ما يعرف ب(دول العالم الثالث) أو (الدول السائرة في النمو) .. ما دمنا لا  نغذى أطفالنا وشبابنا بقيم المواطنة الحقة، التي تفرضها الإنسانية والطبيعة بكل تجلياتها. لن نرقى بتعليمنا وثقافتنا، في ظل ما يعرفه القطاعين من قصور وتجاوزات وثغرات.. وما دامت المبادرات والمخططات والمشاريع والرؤى الحكومية دخيلة ومستوردة، يسكنها الهاجس الأمني.

لن نختزل (قيم المواطنة) في الامتثال لقوانين ومساطر لا تخدم الإنسانية برمتها. لأنه من العيب والعار أن نسمي سلوكات تخدم فئة بشرية، وتضر فئات أخرى، بقيم المواطنة. قيم المواطنة يجب أن تدخل ضمن قيم الإنسانية المطلقة والمفروض أن تضمن حقوق وواجبات كل إنسان بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو دينه أو بلده. المواطنة الحقة تقتضي أن يحظى أطفالنا وشبابنا بالتربية اللازمة في كل المجالات السلوكية والتعليمية والثقافية والصحية والرياضية. وأن يكون هناك في قمة الهرم شرفاء يؤمنون بقدرة الأجيال على تسريع عمليات الانتقال بدون حاجة إلى دعم ملغم  هم أصحابه ثرواتنا الطبيعية وتدمير طاقاتنا البشرية  وإعادة الاحتلال. هي إذن دعوة للإيمان والتحلي بروح الإصلاح لمفاهيم التربية قبل الانكباب على تنفيذ إصلاحات في معظمها غير جادة، تزيد الشعب إحباطا ويأسا وانحطاطا. فكما أن الثقافة والتربية مفهومان لا يمكن أن تسعهما حقائب وزارية، وأن رقيهما يفرض إطلاق سراحهما، وتمكين روادهما من حرية التنقل بين كل القطاعات العمومية والخاصة. وتأمين حركيتهما.فإن المواطنة لن تقبل بربطها بنزوات حكام أو مسؤولين، ولن تعيش وتنمو في بلد حكومته تهمش وتحتقر الكفاءات والكوادر. وتجعل الجهلة والمفسدين قيمين عليها.فهل تستفيق النخب، من سباتها، وتدرك أنها ماضية في ضرب كل شيء جميل بهذا البلد الأمين. وأن ما تعيشه من نعيم اليوم، على حساب المستضعفين، لن يدوم. وعاجلا أم آجلا سيتحول النعيم إلى جحيم. لأنه ما ضاع حق وراءه مطالب. والشعب المغربي مصر الآن وأكثر من أي وقت مضى على الإنصاف. وقد صمم على أنه لا بديل عن ثورة جديدة للملك والشعب. من أجل تبديد النخب الفاسدة. وإعادة هيكلة البلاد بالكفاءات والطاقات الجادة والخلاقة.

 

أزمة القطيعة بين التعليمين العتيق والعصري

 

 

إن الولوج إلى قطاعي التعليم العتيق والعصري بالمغرب، يؤدي حتما إلى التيهان، وفقدان شهية التعليم والتعلم. ويشعر الباحث التربوي (كما الأستاذ والتلميذ)، وكأنه ولج الأدغال، حيث لا ممرات ولا مسالك داخلها. ولا مرشدين ينتشلونه منها. تعليم يغرد خارج سرب حاجيات ومتطلبات الحياة المغربية بكل تجلياتها.
والسبب طبعا ليس فقط في قصور أداء المدارس العتيقة والعصرية. وليس في غياب التأطير والتدبير والتنسيق بين المدارس العتيقة وأقسام التعليم الأولي، والابتدائي والثانوي. ولا في حاجتها إلى مناهج وبرامج هادفة، ورغبة أكيدة وصادقة لكل المشرفين عليها. ولكن في المبادرات الحكومية التعليمية الجديدة كذلك، التي تسير في اتجاه ضرب اللغة العربية والهوية المغربية. التي هي أساس التعليم العتيق.
منها محاولات إقبار اللغة العربية، باتهامها باللغة العاجزة على نقل العلوم والتكنولوجيا، علما أنها مهد العلوم. وإبعادها يعني إبعاد كل ما يأتي من التعليم العتيق. علما أن العجز والقصور الحقيقيين مترسخان في عقول روادها العرب.
فقد تم حصر مهام اللغة العربية داخل المدارس في التواصل العادي المبني على المعرفة بالحفظ والتلقين والتواصل. تمهيدا للقضاء عليها، وعلى هوية وتاريخ المغاربة.
كما أن الشارع المغربي (كما العربي)، أنجب للغة العربية ما يشبه بالضرة (اللهجة العامية أو الدارجة)، التي باتت تنافسها ليس فقط في التواصل العادي داخل وخارج المنازل، بل حتى داخل المرافق العمومية والخاصة وعلى المنابر الإعلامية. كما أن هناك من يدعم التدريس بها. ومنها كذلك عدم التنسيق بخصوص المواد الدراسية المرتبطة بالدين والتاريخ والأخلاق والسلوك واللغات، بين المدرستين (العتيقة والعمومية).
صحيح أن السلاطين والملوك الذين تعاقبوا على قيادة سفينة المغرب، كانوا جد حرصين على إيلاء أهمية كبرى للتعليم العتيق. على مستوى توفير الموارد البشرية (علماء الدين، الأساتذة المربين، الفقهاء، … ). والبنايات الخاصة بالتدريس والتلقين والإيواء، وتوفير العتاد التعليمي والغذائي. إلا أن مناهجها وبرامجها ذات أهداف ومرامي يغلب عليها الحذر والحيطة من الانفلات والانحراف. وهي لا تمكن من إنجاب كفاءات وطاقات، قادرة على الإبداع والاستثمار والابتكار والريادة. اكتفت بترسيخ مفاهيم دينية وثقافية، وتحويل التلميذ والطالب إلى مجرد ببغاء، أو صدى، يردد ما حفظه بطرق بدائية. وناذرا ما تجده يمتلك مواهب في الاجتهاد والاقتراح. ولا حتى قدرة فهم واستيعاب نصوص قرآنية أو سنية، يحفظها عن ظهر قلب. بل ورثت لدى بعض التلاميذ والطلبة، الإيمان الزائد والمفرط، ليس في العقيدة. ولكن في التأويلات والمفاهيم التي ترسخت لديهم، والتي تكون في غالبيتها مغلوطة، باعتبارها نتاج تحليلات فكرية ذاتية.
وإذا كانت مدارس ومراكز ودور التعليم العتيق تسعى وفق ما أحدثت من أجله منذ قرون، إلى ترسيخ ثقافة دينية وطنية سمحاء، وفق المذهب المالكي، والنظام الملكي المغربي، وإذا كانت تسعى إلى تكوين مدافعين ومدافعات عن الدين الإسلامي والهوية والرصيد التاريخي المغربي. وطبعا الحرص الشديد على أن تكون لغة التواصل ممثلة في اللغة العربية. فإنها بالمقابل ضلت حبيسة هواجس أمنية وأوهام التخوف من التطرف والانحراف الديني، حدت من تطورها ومسايرتها للعقل البشري المعاصر، وجعلته يغرد خارج سرب التعليم العمومي وخارج حاجيات ومتطلبات الحياة بكل تجلياتها.
في الوقت الراهن، ورغم ما تم إنجازه من مركبات ومراكز دينية، وما أطلقه الملك محمد السادس، من نداءات، من أجل النهوض بالتعليم العتيق وتحصينه والحفاظ على خصوصياته.فإن الواقع يؤكد أن لا شيء تغير في طرق تدبير تلك المدارس. والتي من المفروض ربطها بقنوات التواصل الإيجابي مع المدارس العمومية. وأن تحقيق الإدماج والاندماج اللازمين بين التعليمين، باعتبار أنهما معا يؤثثان لنفس الهدف.
وحتى لا نكتفي بالتشخيص لواقع التعليم الأليم. الذي بين من الملموس أن السياسة التعليمية في المغرب سائرة في اتجاه قطع كل قنوات الاتصال والتواصل بكل رصيد المغرب التعليمي والثقافي والتراثي. بل إنها ماضية بمخططات ومناهج ورؤى غير محسوبة، في اتجاه طمس الهوية المغربية. لابد من أن نؤكد على أن الأمل، كل الأمل هو في ما ستفرزه اللجنة الملكية المنتظر إحداثها من أجل الإعداد لمشروع تنموي جديد. والتي هي ملزمة بالتشريح أولا لكل القطاعات، وفي مقدمتها التعليم بشقيه العتيق والعصري، والتكوين المهني، وبإحداث مشروع تنموي تعليمي، يواكب ويتمم باقي المشاريع التنموية الأخرى (الصحة، البيئة، التنمية الاجتماعية الثقافية والصناعية والمالية و..).
ولا ننسى أن المغرب الذي احترف الخوض والغوص في المخططات والبرامج الاستعجالية والرؤى. دون إجراء أي تقييم حقيقي لها، بلا تحديد للسلبيات والإيجابيات ولا ترتيب للجزاءات. كل هذا أدخل قطاع التعليم في بركة مخططات متعفنة. آخرها الرؤية الاستراتيجية (2015/2030)، التي انطلقت منذ أربع سنوات بدون قوانين إجرائية. وكتب لها أخيرا أن تحظى بقانون إطار منظم للتربية والتكوين والبحث العلمي، مثير للجدل؟. حيث إلزامية التدريس باللغة الفرنسية، وضرب مجانية التعليم بفرض رسوم على ما سماها القانون بالأسر الميسورة (في مغرب يصعب تحديد شروط اليسر). وبعيدا عن الرؤية المستوردة. بادرت الحكومة إلى فرض التشغيل في التعليم بالتعاقد من أكاديميات التربية والتكوين. وإخضاع المتعاقدين لتكوينات عشوائية. ودمجهم في قطاع التعليم، بمؤهلات تعليمية جد محدودة، يلازمها الغضب والإحباط من جراء نوعية التعاقد، التي تجعل منهم مدرسين من الدرجة الثانية، معرضين للشطط الإداري. كما لجأت إلى الإعلان عن مشاريع وهمية. مبنية على أغلفة مالية غير متوفرة. كالحديث عن تعميم التعليم الأولي وفق مخطط (2018/2028). علما أن الوزارة الوصية ومعها الحكومة. لم توفر المبلغ المرصود سنويا، بل تحدثت عن دعم منتظر من المؤسسات الخاصة والمجالس الترابية و.. وهو ما يفقد المشروع مشروعيته. ويجعله مجرد لغو دعائي.
يجب تحرير التعليم العتيق من سلطة الوصاية الواهمة، وإدماجه في التعليم الرسمي. وذلك برفع وصاية المندوبية السامية للشؤون الإسلامية. وإحداث وزارة للتعليم، مشرفة على كل أنواع التعليم والتكوين. وليس وزارة للتربية الوطنية. لأن المفروض أن التربية الوطنية تهم كل القطاعات والوزارات. وتهم المواطن صغيرا أو كبيرا، داخل المدارس والكليات والمعاهد والمعامل والمساجد. كما يجب الكف عن إلصاق مسارات التكوين المهني. بالتلاميذ الفاشلين دراسيا. باعتبار أن المهن التي أسس من أجلها التكوين المهني (العتيق)، هي مهن تغلب فيها القوة عن العقل. أما المهن العصرية، فإن الولوج إليها لا علاقة له بالقوة البدنية، بقدر ما تحتاج إلى عقول ذكية ونفوس مثابرة وجادة.

تعليقات الزوار
Loading...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد