بقلم :عبد الغني لزرك، البئر الجديد.
تقدم الأستاذ الباحث عبد الله فلي بعمل تاريخي أثري رصين لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة لوميير ليون الثانية يوم 23 أكتوبر 2001، الموسوم بعنوان ” من النصوص إلى الشظايا: الخزف الوسيط في الغرب الإسلامي من خلال مجموعة فاس المرينية (المغرب، القرن 14م)، تحت إشراف الأستاذ André BAZZANA، وقد جاء العمل في أربعة أجزاء وصل عدد صفحاته 610 صفحة. وقد نقش العمل أمام لجنة علمية وازنة مكونة من:
Madame Gabrielle DEMIANS D’ARCHIMBAUD أستاذة فخرية في جامعة إيكس ـ مارسيليا و الأستاذ André BAZZANA بصفته مشرفا ومديرا للأبحاث بالمركز الوطني للبحث العلمي (CNRS)، والأستاذ Pierre Guichard، من جامعة ليون الثانية، والأستاذ Maurice Picon، والأستاذ Philippe SENAC، من جامعة بواتيه (Poitiers).
وقد هدف الباحث عبد الله فلي من خلال هذه الأطروحة إلى دراسة الخزف المغربي الوسيط من خلال القيام بمقاربة متعددة جمع خلالها بين التحليل الأثري، والإثنوغرافي، والإتنو أركيولوجي، لكن ركز على المخلفات والإنتاجات الخزفية المرينية بمدينة فاس خلال القرن 14م، وقد اعتمد في دراسته أساسا على المواد الأثرية المستخرجة من موقعين أثريين (المدرسة البوعنانية وموقع بجلود)، وقد اشتغل الباحث في هادين الموقعين زهاء عقدا من الزمن، وانطلاقا من المعطيات المادية التي حصل عليها الباحث، سعى من خلالها في دراسته إلى بناء وتأصيل مفاهيم نظرية وتاريخية مرتبطة بالخزف الوسيط في العالم الإسلامي الغربي، ضمن رؤية شمولية تجمع بين المعطى المادي والنصي.
استهل عمله البحثي بعرض تحليلي وتركيبي لحالة الأبحاث المتعلقة بالخزف المغربي الوسيط في أبعاده الأثرية والإثنوغرافية والإتنوأركيولوجية، مع إبراز الإشكالات النظرية والمنهجية التي يطرحها هذا الحقل المعرفي، ثم بعد ذلك قام بتقديم توصيف دقيق للموقعين المدروسين ونتائج الحفريات الأثرية المنجزة بهما، وبعد ذلك انتقل إلى تحليل المضمون النصي للمصادر العربية التي اعتمد عليها في البحث.
وقد أولى اهتماما خاصا لما يقارب أربعين مصدرا عربيا تنوعت موضوعاتها بين الدينية والجغرافية والقانونية واللغوية والتراجمية والطبية والصيدلانية والبيولوجية، إلى جانب وثائق وأرشيفات الأوقاف بمدينة فاس، التي استخلص وجمع منها معطيات نوعية حول صناعة الخزف ووظائفه الاجتماعية ورمزيته الثقافية.
من خلال هذا corpus النصي والأثري فهم الباحث بشكل أعمق البنى التقنية والاجتماعية التي حكمت إنتاج الخزف في العصر المريني، وساعدت على استجلاء واستيعاب التصورات الذهنية والمفاهيم التكنولوجية والسوسيولوجية السائدة آنذاك.
وفي المرحلة الأخيرة من البحث أجرى الباحث دراسة تطبيقية شاملة للمواد الأثرية وفق مقاربة تكنولوجية ونوعية وجمالية، هدف من خلالها إلى تحديد الخصائص التقنية والفنية للإنتاجات الخزفية المرينية بفاس، ووضعها في إطارها العام ضمن الخزف الوسيط بالغرب الإسلامي.