محمد الدريهم
قام فريق دولي من العلماء و من بينهم الباحثة المغربية الدكتورة مريم الياجوري باستخدام البيانات التي جمعها تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا والوكالة الأوروبية للفضاء والوكالة الكندية للفضاء حيث قاموا باكتشاف جزيء يسمى ثنائي الميثيل (+CH3) لأول مرة.
يشكل هذا المركب الكربوني الجديد في الفضاء أسس كل الحياة المعروفة، أما مكانه فهو سديم الجبار الذي يقع في القرصالبروتوكوكبيالمحيط بنجم شاب عن بُعد 1350 سنة ضوئية من الأرض.
هذا وقد تحقق هذا الإنجاز العلمي بفضل تحليل دقيق ومتعدد التخصصات، بما في ذلك مساهمة أساسية من المختصين في مجال الطيفيات في المختبر، وقد أظهرت التحاليل أن هذا الجزيء البسيط يتميز بخاصية فريدة هي تفاعله بشكل غير فعال نسبياً مع أكثر عنصر وفير في الكون وهو الهيدروجين، لكنه يتفاعل بسهولة مع جزيئات أخرى، مما يؤسس لنمو جزيئات الكربون الأكثر تعقيداً. وتثير كيمياء الكربون اهتمام الفلكيين بشكل خاص؛ لأن كل الحياة المعروفة تستند إلى الكربون، وقد تنبأ العلماء بالدور الأساسي لثنائي الميثيل في الكيمياء الكربونية البينية في السبعينيات من القرن الماضي، لكن قدرات ويب الفريدة سمحت أخيرا بمراقبته في منطقة من الفضاء حيث يمكن أن تتكون فيه مجرات قادرة على استضافة الحياة في وقت لاحق.
هذا و تؤكد المغربية الدكتورة مريم اليجوري على أنَّ كاتيون الميثيل يحتل مكانًا مركزيًا في الكيمياء العضوية. وقد اكتشفت الجزيئة داخل نظام نجمي يتمتع بقرص بروتوكوكبي الذي يتعرض لقصف من الإشعاع فوق البنفسجي الناتج عن نجوم مجاورة. وتضيف الدكتورة أن هذا يُظهر بوضوح أن الإشعاع فوق البنفسجي يمكن أن يكون له تأثير كبير على الكيمياء داخل القرص البروتوكوكبي. وتقول: “قد تكون هذه التركيبة من الإشعاع فوق البنفسجي والقرص البروتوكوكبي تلعب دورًا حيويًا في المراحل الكيميائية الأولى لنشوء الحياة، من خلال تعزيز إنتاج (+CH3).
مكن اكتشاف ثنائي الميثيل بفضل التعاون بين علماء الفلك المراقبة ونمذجة الكيمياء الفلكية بينهم الدكتورة مريم الياجوري والعلماء النظريين والطيفيين التجريبيين مجمعين بين قدرات ويب الفريدة في الفضاء وقدرات المختبرات الأرضية لدراسة تكوين وتطور كوننا المحلي وتفسيره بنجاح. نُشر المقال العلمي الذي يتناول هذا الاكتشاف الهام في مجلة العلوم الشهيرة “نيتشر”.
الدكتورة مريم الياجوري حالياً باحثة في معهد الفلك الفضائي في باريس (IAS)، وقد حازت على جائزة أفضل أطروحة دولية في مجالها في الجمع العام للاتحاد الدولي لعلم الفلك في عام 2022 في بوسان، كوريا الجنوبية، أما على المستوى الوطني فهي تشغل منصب رئيسة جمعية حافلة الفضاء، وهي أيضا منسقة لجنة التواصل الوطنية المغربية لنشر علوم الفلك التي تعمل تحت مظلة الاتحاد الدولي لعلم الفلك