بقلم خديجة بلهادي: صحفية متدربة
الاحتفال باليوم العالمي للمرأة كل ثامن من شهر مارس، هو احتفال يقام كل سنة يتخصص له يوم واحد للإحتفال به، لكن المفروض أ ن يكون على مدى السنة و تقدير المرأة لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية و لمكانتها و لدورها في المجتمع، وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.
يعود تاريخ مناسبة يوم المرأة العالمي إلى عام 1856 عندما تظاهرت آلاف النساء في نيويورك احتجاجا على ظروف العمل اللاإنسانية التي كن يعشنها، وشكلت هذه التظاهرة التي تكررت لاحقا مقدمة لحصول المرأة على المزيد من الحقوق، و كذلك في سنة 1945، عقد أول مؤتمر في باريس للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، و للإحتفال بهذا اليوم يتشكل على هيئة طرق مختلفة كتبرع للمستشفيات التي تهتم بصحة المرأة و غيرها، كعرض برامج في شتى المجالات المختلفة تهتم بقضايا المرأة و إنجازاتها، كتقديم رموز و هدايا على شكل ورود و حلويات، ككتابة قصيدة شعرية كتعبير جميل يليق بها، أو توجيه شكر عن طريق مكالمة هاتفية أو مباشرة، تعتبر كلها طرق تجعل من المرأة سعيدة فهي لا تهتم بقيمة الشيء هي فقط تعتز بروح المبادرة من طرف كل هؤلاء، للأن الإهتمام له طعم خاص في حياتها.
فالمرأة هي صانعة العالم، فهي التي تستطيع أن تغيّر جيلاً بأكمله، هي الأم التي أعدت جيلاً جاهزاً لحمل الرايات وهي جامعة الحياة في البدايات والنهايات وعبق الذكريات وهي الأساس لكل مجتمع، هي الأخت الحنونة والرفيقة والصديقة، هي سيدة صاحبة رؤي، و صاحبة شخصية، هي رسالة توارثتها جيلاً بعد جيل ونسجت خيوطاً من الوفاء موثوق بعهود من الآصالة، فهي الجدة التي زرعت التضحيات ليكون عنواناً من عناوين الوجود التاريخي والحضاري لأجيال تناقلته عبر العصور تستأنس به من حكايات الماضي الجميل.
أما دور المرأة في المجتمع، دور كبير فحالها كحال الرجل، فقد شاركت عبر العصور القديمة والحديثة في شتى المجالات، وكان لها أدوار أخرى عديدة كشاعرة، ملكة، فقيهة، محاربة، فنانة، معالجة، كما أن لها الفضل في العديد من الاختراعات، ولعل الدور الأساسي يتمثل في بناء أسرتها ورعايتها حيث تقع على عاتقها كامل مسؤولية تربية الأجيال، وتتحمل كزوجة أمر إدارة البيت واقتصاده و جل أموره، ومن بين التّحديات التي تقف عائقًا في وجه المرأة هو الجهل وتفشي الأميّة، على الرُّغم من أنّ هذا التّحدي سيقف في وجه الذّكر والأنثى على حد سواء، إلّا أنّ الأسرة إذا خُيرت بين تعليم الذكر أو الأنثى فحتمًا ستختار تعليم الذكر على اعتباره صاحب مسؤولية ويتحمل أعباء الأسرة فيما بعد، وبهذا ستكون نسبة معاناة المرأة من الجهل والأميّة أكثر بكثير من معاناة الرجل، وبالتالي فإن حق المرأة في التعليم يذهب ضحية لأفكار بعيدة عن المنطق والعدالة الإجتماعية، كما قال حافظ إبراهيم متغنيًّا عن دور المرأة في تنمية المجتمع والأسرة: الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعبًا طَيِّبَ الأَعراقِ، الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ.
في النهاية لا بد من تقدير وجود المرأة و اعتزاز مكانتها، لأنها تُشكّل دافع مهم لنجاح مجتمع، فهي حقيقتها لا تختلف عن الرجل، بل إنها في كثير من الأحيان تساند الرجل، وتمسك بيده، وتعينه في المسؤوليّة والإنفاق، بحفاظ سيره عبر الطريق الصحيح، إذ إن الأسرة الناجحة والمتماسكة هي رمز لمدى نجاح المجتمع ووعيه، من خلال ارتباط أفراده ببعضهم البعض